شطاري-متابعة:
كشفت تقرير حديث عن انخراط جبهة البوليساريو في شبكة النفوذ الإيراني المعروفة بـ”محور المقاومة”، إلى جانب حزب الله والحوثيين، في خطوة أثارت قلقا متزايدا لدى الغرب بشأن طبيعة التحالفات غير المتجانسة التي تنسجها طهران في المنطقة.
وبحسب مقال تحليلي نشره الباحث إيمانويل أوتولينغي على موقع “Townhall” الأميركي أمس الجمعة، فإن مقاتلين من جبهة البوليساريو تلقوا تدريبات على يد الحرس الثوري الإيراني وشاركوا في ما عُرف بـ”ألوية المقاومة الدولية” التي تدخلت لصالح نظام الأسد في سوريا.
غير أن انهيار النظام السوري – يضيف التقرير – ترك المئات منهم في مواجهة مصير معقد، حيث جرى اعتقال عدد منهم من قبل السلطات الجديدة التي قررت إغلاق مكتب البوليساريو في دمشق بعد أن ظل مفتوحا طيلة سنوات الحرب.
ويعكس هذا التطور، وفق التقرير، عمق التعاون العسكري بين طهران والبوليساريو، وتحول الأخيرة من حركة ذات خطاب ماركسي يساري إلى جزء من شبكة مرتزقة عابرة للحدود تُستخدم في خدمة أجندة إيران بالمنطقة.
ورغم التناقض الأيديولوجي بين نظام ثيوقراطي شيعي مثل إيران وحركة ماركسية، قومية مثل البوليساريو، إلا أن هذا التحالف يلقى صدى لدى نشطاء غربيين في مجالات البيئة وحقوق الإنسان، حيث قدم كاتب التقرير أمثلة عن ذلك، بينهم الناشطة السويدية غريتا تونبرغ، أيقونة الحركات المناخية، التي شاركت في لقاء تضامني بمخيمات تندوف مطلع العام الجاري، وأعلنت أن “تحرير الصحراء جزء من نضال العدالة العالمية”، في إشارة إلى الربط بين القضايا المناخية والتحرر الوطني.
ولا يقتصر الأمر على الجانب الرمزي، ففي أميركا اللاتينية مثلا، – يضيف إمانويل اوتولينغي- يلعب الناشط البرازيلي سايد ماركوس تينوريو دورا محوريا في ربط إيران بالبوليساريو، من خلال رئاسته لمعاهد صداقة مع طهران وفلسطين، وتنظيم فعاليات مشتركة تجمع ممثلين عن الجبهة بحركات يسارية محلية.
هذا الوضع يذكّر – بحسب التقرير- بمرحلة الحرب الباردة حين كانت ليبيا وسوريا ولبنان منصات لتدريب وتسليح مجموعات مسلحة من أميركا اللاتينية وفلسطين وأفريقيا، وهي الظاهرة التي تستعيدها إيران اليوم بطابع مختلف، حيث يجري دمج قضايا يسارية وقومية مع قضايا بيئية في خطاب موحد ضد الغرب والرأسمالية.
وبحسب المصدر ذاته، فان هذا النمط من “النضال” يطرح مخاطر جدية، إذ قد يتحول الناشطون الغربيون المتحمسون للقضايا الاجتماعية إلى أدوات تأثير في خدمة أجندة طهران وحلفائها، حيث يستعيد التقرير بالذاكرة مسارات ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، حين انجذب شباب أوروبيون إلى شعارات التغيير الجذري ثم انزلقوا إلى العنف المسلح باسم الثورة.
وفي السياق نفسه، يشير أوتولينغي إلى أن إدماج البوليساريو في محور المقاومة يضيف بعدا جيوسياسيا جديدا، يربط نزاع الصحراء المعقد بشبكة صراعات الشرق الأوسط، ويمنح طهران ورقة ضغط إضافية في مواجهة الغرب.