مس انخفاض أسعار النفط في الجزائر بشكل مباشر الموازنة السنوية للحكومة، ورغم تطمينات المسؤولين السياسيين وعلى رأسهم الوزير الأول عبد المالك سلال بأن سياسة ترشيد النفقات والتقشف لن تمس المواطن الجزائري بشكل مباشر، إلا أن العديد من المختصين يدقون ناقوس الخطر.
ويقول خبراء اقتصاديون إن المواطن الجزائري هو من يدفع ثمن هذه السياسة الاقتصادية التي فرضتها أزمة انخفاض أسعار النفط، بينما يرى آخرون أن الأزمة عابرة ولا تمس قطاعات حيوية مثل دعم أسعار المواد الأساسية وخدمات العلاج والتعليم.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن مركز الإحصائيات الجزائري أن صادرات المحروقات قد تراجعت في 2015 بنسبة 40.76 في المئة، وانخفضت مداخيل النفط بما قيمته 24.5 مليار دولار، بعد أن تقلصت من 60.30 مليار دولار سنة 2014، إلى 35.72 مليار دولار.
وأضاف سراي أن ما تعيشه الجزائر هو “أزمة سيولة مالية نتجت عن انخفاض أسعار النفط فقط، وهي مناسبة للمواطن أن يغير سلوكه في نمط العيش والاستهلاك”.
بينما يرى الوزير السابق والخبير الاقتصادي بشير مصيطفى أن سياسة التقشف في الجزائر طُبقت فقط على مستوى موازنة الدولة من حيث تقليص النفقات في حدود 18 في المئة. وتابع في تصريح لموقع “الحرة” أنه لا توجد أي تأثيرات خارج الميزانية مثل المساس بدعم المواد الاستهلاكية الأساسية أو الخدمات مثل النقل والتعليم.
“المواطن من يدفع الثمن”
شدد الباحث في جامعة الجزائر عبد الكريم تيفرقنيت من جانبه على أن سياسة التقشف في الجزائر مست عدة قطاعات لها علاقة مباشرة بالمواطن مثل استيراد بعض السلع الغذائية وتقليص مناصب الشغل وإيقاف منح التكوين والبحث في الخارج لأساتذة الجامعات.
وحول تداعيات هذه السياسة الاقتصادية، لم تتأثر “الأجور والامتيازات بالنسبة للوظائف السامية الحكومية بسياسة التقشف، بينما فرضت الرسوم الضريبية على عامة المواطنين”، وفق تيفرقنيت في تصريح لموقع “الحرة”.
وأضاف الباحث الجزائري أن “الحكومة تحصد ما زرعته خلال سنوات طويلة”، إذ أنها اعتمدت في نظره على “ريع البترول والغاز وأهملت قطاعات حيوية مثل الفلاحة والسياحة والصناعة”.
ولم يستبعد أن تؤثر الأزمة الاقتصادية في الجزائر على الجبهة الاجتماعية مستقبلا، خاصة إذا مست المواطن بشكل كبير ومباشر كتزايد مظاهر الفقر والبطالة في أوساط المجتمع ما “قد يؤدي لانفجار اجتماعي”، حسب تعبيره.
تنويع الاقتصاد
ويصف سراي من جهته سياسة التقشف بأنها رجوع “إلى الاقتصاد الحقيقي”، مؤكدا أنه “من غير المعقول أن تدعم الدولة السلع والخدمات من دون وجود إنتاج ومردودية”.
وأضاف الخبير الجزائري أنه اكتشف في دراسة قام بها أن نسبة تبذير الأغذية لدى المواطن الجزائري تبلغ حوالي 30 في المائة، وهو رقم مخيف، حسب قوله.
أما الوزير السابق مصيطفى فيقترح أن تستثمر الجزائر في قطاعات اقتصادية أخرى بعيدة عن النفط والغاز، من خلال التركيز على الفلاحة والصناعة والسياحة والمناجم.
وطالب مصيطفى الحكومة بمكافحة التهرب الضريبي المقدر في الجزائر بحوالى 60 مليار دولار.
وختم الوزير السابق كلامه بالقول إن مكافحة التهرب الضريبي في الجزائر من شأنها أن تساهم في تقوية الاقتصاد الجزائري وتجنيب البلاد سياسة التقشف.