محمد سالم العربي:
عادة ما يشهد التحالف الاستراتيجي القائم بين الرباط وواشنطن مطبات يتم تجاوزها بسهولة كبيرة، لكن توقيت التوتر بين البلدين هذه المرة كان حساسا، وربما متعمدا من قبل الإدارة الأمريكية، بحسب بعض المراقبين.
فما إن تجاوز البلدان تعنت واشنطن قبيل صدور قرار مجلس الأمن الأخير الخاص بتمديد مهمة البعثة الأممية في الصحراء “المينورسو”، بوساطة فرنسية، حتى عادا إلى مربع توتر العلاقات، وذلك قبل نحو شهرين من انقضاء المهلة التي منحها مجلس الأمن للمغرب من أجل إعادة بعثته في الصحراء بشكل كامل.
التوتر الجديد جاء على خلفية إدانة المغرب في سجل حقوق الإنسان بالصحراء من خلال تقرير وزارة الخارجية الأمريكية عن حالة حقوق الإنسان في العالم، والذي يصدر سنويا.
لم تتأخر وزارة الخارجية المغربية في الرد على التقرير، فاستدعت سفير واشنطن في الرباط لتبلغه بأن «السلطات المغربية سجلت أن هناك توجهاً في التقرير ينزع نحو نوع من اجترار مزاعم متقادمة كانت مع ذلك موضوع التفسيرات والتوضيحات الضرورية»، معتبرة أن «ممارسة حشو من هذا القبيل تندرج في سياق منهجية تفتقر للدقة وتقلب الحقائق، ضمن مسعى استهداف معاد للمغرب بشكل مجاني وهو ما يثير العديد من التساؤلات».
غير أن المراقبين ينظرون إلى التوتر المغربي الأمريكي الجديد باعتبار أن واشنطن تسعى إلى كبح جماح المغرب في توجهه نحو الشراكة مع روسيا والصين، اللتين زارهما الملك محمد السادس، حيث زار موسكو قبل صدور القرار الأممي الخاص بالصحراء، بينما زار بكين قبل انتهاء مهلة إعادة “المينورسو”.
ويرى البعض أن التعنت الأمريكي السابق للقرار كان مرده إلى أن واشنطن لمست استعدادا مغربيا لإقامة قاعدة عسكرية روسية على أراضيها، وهو ما من شأنه أن يقلص النفوذ الأمريكي في المغرب، والمتمثل عسكريا في قاعدة للمارينز نواحي مدينة الطنطان.
ويربط البعض بين التصعيد الأمريكي الجديد وبين ما ورد في خطاب الملك في القمة المغربية الخليجية التي التأمت أياما قليلة قبل صدور القرار الأممي، وهو الخطاب الذي أكد فيه أن «المغرب حر في قراراته واختياراته وليس محمية تابعة لأي بلد»، حيث اعتبر محللون ذلك تبريرا لزيارته إلى موسكو التي قد لا تروق لحليفه الأمريكي.
ولم يلبث المغرب، حتى قبل انتهاء مهلة إعادة بعثة “المينورسو” أن ولى وجهه شطر المعسكر الشرقي مجددا، فكانت زيارة الملك محمد السادس لبكين إيذانا لانطلاق شراكة جديدة بين المغرب والصين، فضلا عن شراكة المملكة مع روسيا، وهو ما يمكن أن تعتبره الولايات المتحدة تدويرا متعمدا لبوصلة التحالف الاستراتيجي الذي ظل قائما بين الرباط وواشنطن لعقود طويلة، فجاء تقرير الخارجية الأمريكية كرسالة تنبيه للمغرب على أن لدى الأمريكيين من وسائل الضغط ما لا يمكن إغفالها للدخول في شراكة مع روسيا والصين، بحسب المراقبين.