محمد سالم العربي:
لو لم تنعقد القمة المغربية الخليجية قبل شهر من الآن في مدينة الرياض، وتخرج ببيان ختامي شدد على تبني الرؤية المغربية لحل النزاع حول الصحراء، وأكد رفض دول الخليج المساس بالوحدة الترابية للمغرب، وهو تعبير اصطلح على استخدامه في التأكيد على مغربية الصحراء.. لولا كل ذلك لمر بيان برنامج الأغذية العالمي، التابع للأمم المتحدة، المتضمن لتسلمه شحنة غذائية قدمتها المملكة العربية السعودية لساكنة مخيمات تيندوف، دون أن يثير اهتمام أحد.
لكن الظرف الزمني للمساعدة السعودية أسال مداد المراقبين والمحللين الذين توقفوا عند إثارة العديد من التساؤلات، بدل تفسير دلالات الحدث والتكهن بما قد يسفر عنه، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات السعودية المغربية.
قد ترد السعودية على المشككين في ثباتها على الإجماع الخليجي المعزز بتصريحات مسؤولين سعوديين اعتبروا الصحراء مغربية ووصفوا قادة البوليساريو بالانفصاليين، بأن مساعداتها الإنسانية المقدمة اليوم لم تكن وليدة اللحظة، وأنها دأبت على تقديمها منذ خمس سنوات قبيل حلول شهر رمضان، وأنه لا علاقة البتة بين مواقفها السياسية وجهودها الإغاثية.
وقد يتعزز التبرير السعودي بعدم رصد أية حلحلة في علاقات الرياض بالجزائر التي تسبح في فلك إيراني سوري معاد للسعودية، وتُعتبر الداعم الأبرز لجبهة البوليساريو، فيخرج المراقبون بنتيجة واحدة مفادها أن الموقف السعودي من نزاع الصحراء ما زال يفتقر إلى مبررات المراجعة، خاصة وأن الجبهة لا تمتلك عوامل ضغط خارجة عما يوفره لها البلد المضيف.
غير أن البعض قد يتساءل عن مدى وجاهة رفض السعودية الانضمام إلى قائمة حكومات تحفظت على الاستمرار في تقديم المساعدات الإنسانية في ظل غياب إحصاء شامل لساكنة المخيمات، وهل جاء غض الطرف السعودي عن تلك المطالب محاولة للتخفيف من حدة الانحياز المعلن للموقف المغربي؟
وفي ذات السياق؛ هل سترضى المغرب بمحاولة السعودية إمساك عصا الصراع من الوسط من خلال إرضاء طرف بالمساعدات وتقوية طرف بالمواقف، وتتفرغ لصراعها الدبلوماسي المحتدم هذه الأيام مع إدارة أوباما على خلفية تقرير الخارجية الأمريكية الذي تضمن اتهامات خطيرة للرباط بانتهاك حقوق الإنسان في الصحراء.