um6p
لماذا تدعم جنوب أفريقيا البوليساريو؟

لماذا تدعم جنوب أفريقيا البوليساريو؟

شطاري خاص20 يناير 2023آخر تحديث : الجمعة 20 يناير 2023 - 10:22 صباحًا

 نزار بولحية- كاتب وصحافي تونسي:

الصحراء تبدو ولعدة اعتبارات غير ممكنة أو منطقية، كما أن محاولة الجمع بين مبدأ تقرير المصير، ومحاربة الاستعمار وتصويرهما على أنهما متماثلتان في جنوب افريقيا وفي الصحراء، تبدو بعيدة عن الواقع. وإن كان المحدد الأول والوحيد اليوم للسياسة الخارجية لجنوب افريقيا هو تخليص القارة السمراء من الاستعمار، فلم تتطلع بريتوريا بعيدا ولا تنظر مثلا إلى بلد صغير لا يبعد عنها سوى مسافة قصيرة جدا بالمقارنة مع الصحراء وهو، جزر القمر فتؤيد وتدعم وبالقوة نفسها مطالبه بالتحرر والتخلص من الاستعمار الفرنسي لإحدى جزره التي لا تزال محتلة وهي جزيرة مايوت؟ أليست تلك الجزيرة فضلا عن سبتة ومليلية والجزر الجعفرية هي آخر وأقدم المستعمرات الافريقية؟ أم أنها تكيل بمكيالين ولا ترى الاستعمار إلا في مكان محدد هو الشمال الافريقي؟ لقد قالت وزيرة العلاقات الدولية والتعاون ناليدي باندر في مايو الماضي، وهي تعرض أمام البرلمان الخطوط العريضة لدبلوماسية بلادها، إنها «ستواصل ترسيخ مساهمة سياستها الخارجية في افريقيا والعالم بشأن دعم القضايا التحررية للشعوب التي ما زالت تعاني القمع بسبب الاستعمار»، وكررت أن «الصحراء الغربية هي آخر مستعمرة في افريقيا لم تتحرر بعد ما جعل مواردها الطبيعية عرضة للنهب المستمر»، لكن هل كانت ناليدي تتقمص في تلك الحالة دور جيفارا أم باتريس لومومبا في عصر يختلف تماما عن عصرهما ولمبررات وغايات بعيدة جدا عن تلك التي حركتهما في زمن ما للدفاع عن الشعوب الافريقية؟ لا شك بأن أدوات النضال الجنوب افريقي الدبلوماسية والإعلامية لدعم انفصال الصحراء عن المغرب، قد لا تبدو مختلفة فقط عن الأساليب التي اعتمدها الثوار الافارقة، بل إن تأثيرها يبدو محدودا وهذا ما يدركه المغاربة أنفسهم. فقيام جنوب افريقيا في 2004 بالاعتراف بجبهة البوليساريو وضعها بالفعل في مأزق. فهي بدلا من أن تسعى لتقريب الشعوب الافريقية من بعضها بعضا ظهرت كمساهم بارز في توسيع الشرخ القائم أصلا بينها، وبدلا من أن تلعب دورا متقدما في التوفيق والمصالحة بين الفرقاء، باتت عاجزة تماما عن جمع الافارقة وتوحيدهم، اللهم إلا من خلال الشعارات. لقد نظرت في الواقع إلى مصلحتها الضيقة فحسب، وهي الدخول بقوة إلى السوق الجزائرية من جهة، وتغذية التوتر والخلاف بين أكبر بلدين في الشمال الافريقي من جهة أخرى، حتى لا يمكنهما التفرغ لمنافستها في السباق على الزعامة القارية. وربما يدل وصف وزير الخارجية المغربي الناصر بوريطة في أكتوبر الماضي استقبال الرئيس الجنوب افريقي لزعيم جبهة البوليساريو في مراسم كتلك التي تقام عادة لرؤساء الدول بـ»البهرجة والسينما» وإرجاعه اتخاذ بريتوريا لمثل تلك المواقف التي وصفها بالمتشددة إلى عجزها عن التأثير في محيطها إلى وعي كبير من جانب الرباط بالدوافع الحقيقية التي جعلتها تقدم على ذلك. كما أن تشديده على أنه «عندما اعترفت بريتوريا بجبهة البوليساريو، كانت تظن أن دول العالم ستسير وتتخذ الخطوة نفسها، لكن ما حصل هو أن أكثر من عشرين دولة سحبت الاعتراف من الجبهة الوهمية»، وعلى أن «جنوب افريقيا دخلت مجلس الأمن اكثر من مرة، لكنها لم تنجح في تنفيذ أجندتها، حيث إنها باتت تعي أن 90 دولة تعترف بمقترح الحكم الذاتي ـ للصحراء- بما فيها 30 دولة افريقية، وهذا يعكس بعمق عجزها عن التأثير في هذا الملف»، ويؤكد أيضا أن المغاربة يقللون من أهمية ذلك الموقف ويعتبرون أن لديهم أوراقا أهم لاحتواء أي تداعيات له على ما يعتبرونه قضيتهم الوطنية الأولى. لكن هل يدرك الجزائريون بدورهم ما يريده أحفاد مانديلا من وراء الكلام المعسول لهم؟ ربما سيكشف التاريخ يوما ما عن خفايا الصراعات والمناورات التي جرت بين الشمال الافريقي وجنوبه.

رابط مختصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

شطاري خاص