شطاري- هسبريس:
قالت وزارة الخارجية الأمريكيّة في تقريرها السنوي عن الإرهاب في دول العالم لعام 2022 إن “المغرب يمثّل عنصرا هاما ضمن التنسيق التاريخي والتعاون القوي مع الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب (Counter-Terrorism)”، مؤكدة أنه “واصل إستراتيجيته الشاملة التي ضمنها الرفع من اتخاذ التدابير الأمنية اليقظة، والتعاون الإقليمي والدولي، ووضع سياسات لمكافحة التّطرف”.
وأوضحت خارجية “بلاد العم سام” في تقريرها، الذي يلقي نظرة مفصّلة على بيئة مُكافحة الإرهاب العام الماضي عالميّا، أنه “سنة 2022 تواصلت جهود المملكة المغربية للتخفيف من المخاطر التي يخلقها الإرهاب”، معتبرة أن “البلاد مازالت تواجه تحديات متفرقة من خلايا إرهابية صغيرة ومستقلة، ادعت معظمها أنها متأثرة بـ’الفكر الداعشي’ أو مرتبطة به”.
وأبرز المصدر ذاته أنه في ماي من السنة الفائتة “استضاف المغرب الاجتماع الوزاري لعام 2022 للتحالف الدولي ضد داعش، وساهم في وضع مجموعة من التدابير لمكافحة تمويل داعش، والتركيز أيضا على منطقة إفريقيا (أفريكا فوكيس)”، مشيرا إلى أن “المغرب أيضا عضو في المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب (GCTF) وتولى منصب المشاركة في رئاسة المنتدى ذاته [ثلاث ولايات متتالية] قبل تسليمها لمصر سنة 2023”.
ولتقريب غير المغاربة من “البيئة المغربية”، أفاد التقرير سالف الذكر بأن “المغرب يباشر التحقيقات والمحاكمات في القضايا المتعلقة بالتطرف، ويعاقب المتهمين بموجب قانون مكافحة الإرهاب، الذي تم سنه عام 2003 وتم توسيعه عام 2015، وهو ما يتماشى مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 2178″، مبرزا أنه سنة 2022 مثلا “تمكنت سلطات إنفاذ القانون المغربية بتنسيق من وزارة الداخلية من اعتقال ما لا يقل عن 20 شخصا في 10 عمليات لمحاصرة التطرف”.
وأوردت الخارجية المذكورة أن “جهود المغرب أدت فعليّا إلى تفكيك مجموعة من الخلايا في المراحل الأولى من تخطيطها لهجمات ضد مجموعة من الأهداف، بما فيها البنايات العامة والشخصيات البارزة ومباني خدمات الأمن الحكومية والأجانب، كما ورد في الصحافة المحلية”، مسجلة أن “عدد الاعتقالات في هذه القضايا بالمغرب سنة 2022 كان أقل بكثير من تلك التي سُجّلت قبل جائحة COVID-19”.
وأوضحت الوزارة ذاتها أن “سلطات إنفاذ القانون المغربيّة استفادت من جمع المعلومات الاستخباريّة المتاحة، ومن عمل الأجهزة المحلية، ومن التعاون مع الشركاء الدوليين”، لافتة إلى أن “المكتب المركزي للتحقيقات القضائية (BCIJ) ظل هو الهيئة الرئيسية لإنفاذ القانون المسؤولة عن قضايا مكافحة التطرف، بحيث يقدم تقاريره وأبحاثه إلى المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (DGST)، التي تشتغل تحت إشراف النيابة العامة”.
وفي ما يشبه “تقديم الحصيلة” لسنة 2022، قال التقرير إن التنسيق بين الأجهزة الأمنية المغربية، خصوصا BCIJ وDGST، مكن من “القبض على خمسة متطرفين عنيفين مشتبه فيهم يُزعم أنهم ينتمون إلى ‘داعش’؛ وذلك في عمليات أمنية منفصلة في القنيطرة والعرائش وسوق السبت أولاد النمة وتارودانت وبلدية سويهلة الريفية”، معتبرا أن “المشتبه فيهم كانوا يخططون لمهاجمة كبار المسؤولين والشخصيات العامة في المغرب”.
وأيضا، في أكتوبر من العام الماضي، حسب المصدر ذاته، “ألقت السلطات المغربية القبض على خمسة أشخاص في عدة مدن يشتبه في دعمهم ‘داعش’، وضلوعهم في التحضير لهجمات إرهابية”، مضيفا أن “المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني أوضحت وقتها أن المعتقلين، الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و45 عاما، أعلنوا انتمائهم إلى ‘داعش’، وخططوا لأعمال إرهابية، بما في ذلك تخريب بنيات تحتية واستهداف أفراد الأمن وسلطات إنفاذ القانون”.
ثمّ، في نونبر من سنة 2022 نجحت الجهات الأمنية المغربية في “القبض على مشتبه به تابع لـ’داعش’ بالقرب من مدينة الرباط، كان يخطط للقيام بعملية إرهابية”، وفق التقرير الذي أبرز أن “المشتبه فيه البالغ من العمر 22 عاما كان قد اعتقل سابقا بتهم تتعلق بالإرهاب؛ كما كشفت التحقيقات أنه كان يبحث عن المواد الخام اللازمة لصنع عبوة ناسفة؛ فيما واصلت الأجهزة التحقيق في الصلات المحتملة للمشتبه فيه مع جماعات إرهابية داخل المغرب وخارجه”.
كما جاء في الوثيقة ذاتها أن “جهات إنفاذ القانون المغربية شاركت في مجموعة واسعة من البرامج التي ترعاها الولايات المتحدة لتحسين القدرات التقنية والتحقيقية للبلاد، بما في ذلك التحقيقات المالية وتحليل المعلومات الاستخباراتية والطب الشرعي والأمن السيبراني”، مؤكدة أن “أمن الحدود كان دائما أولوية قصوى بالنسبة للسلطات المغربية، بحيث تقع على عاتق المديرية العامة للأمن الوطني المسؤولية الرئيسية عن إجراء عمليات تفتيش الحدود في نقط الدخول على غرار مطار محمد الخامس الدولي بالدار البيضاء”.
وأورد المصدر عينه أن “مسؤولي إنفاذ القانون وشركات الطيران الخاصة نسقت بانتظام مع الولايات المتحدة للكشف عن الأفراد الذين يحاولون العبور بشكل غير قانوني، وردع جميع محاولات تمرير أي بضائع في المطارات”، معتبرا أن “الشرطة وموظفي الجمارك والدرك الملكي يقومون بتفعيل نقاط تفتيش متنقلة وثابتة على طول الطرق في المناطق الحدودية وعند مداخل المدن الرئيسية”، وزاد: “القوات البحرية وخفر السواحل المغربية تقوم كذلك برصد المياه الساحلية الواسعة للبلد، بما يشمل مضيق جبل طارق، وتسيير دوريات فيها لمنع المهربين غير الشرعيين”.
وعن تجفيف منابع التطرف، قالت الخارجية الأمريكية إن “المغرب لديه إستراتيجية شاملة لمكافحة العنف تعطي الأولوية للتنمية الاقتصادية والبشرية، بالإضافة إلى مكافحة التطرف والعنف، والإشراف على المجال الديني”، مضيفة أنه “لمواجهة ما يعتبره المغرب ‘تطرفًا دينيا’، يعتمد البلد الشمال إفريقي المذهب المالكي والإسلام السني رسميا”، ومؤكدة أن “وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية وضعت منهجا تعليميا لما يقرب من 50000 إمام وكذلك للمرشدات الدينيات”.
ويسهر كذلك “معهد تكوين الأئمة المرشدين والمرشدات بالرباط على تدريب الأئمة في الغالب من غرب إفريقيا”، وفق التقرير، قبل أن يختم: “تتصدى الرابطة المحمدية الملكية للعلماء للتطرف من خلال إنتاج بحوث علمية، ومراجعة المناهج التعليمية، وإجراء توعية للشباب حول التيمات الدينية والاجتماعية. وبشراكة مع الرابطة كانت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج أطلقت برنامج ‘مصالحة’ لفائدة نزلاء المؤسسات السجنية المتابعين في قضايا الإرهاب والتطرف”.