محمد سالم العربي:
ينقضي الأسبوع السادس بعد تكليف الملك محمد السادس للأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، بتشكيل الحكومة في أعقاب تصدر حزبه لنتائج انتخابات 7 أكتوبر البرلمانية، اعتمادا على دستور 2011 الذي يحدد زعيم الحزب الفائز رئيسا للحكومة المنبثقة عن نتائج الانتخابات البرلمانية.
كانت شروط بعض الأحزاب التي شكلت فسيفساء الحكومة الماضية مجحفة بنظر بنكيران، ومن أبرز تلك الأحزاب، حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي غير قيادته وتكتيكه وقواعد تحالفاته بعد استقالة رئيسه السابق صلاح الدين مزوار، على خلفية النتيجة التي تحصل عليها الحزب في الانتخابات الأخيرة، وربما لأسباب أخرى.
وقد بدا اليأس ظاهرا على محيى وتصريحات زعيم “البيجيدي”، الذي تعهد بعدم لجوء حزبه إلى الشارع لإحباط ما وصفها بمحاولة الالتفاف على خيارات الشعب بوضع العراقيل أمام تشكيل الحكومة.
المراقبون يرون أن أزمة ما بات يعرف ب”بلوكاج”، في إشارة إلى وصول مشاورات بنكيران إلى طريق مسدود، لا يمكن تجاوزها إلا من خلال اللجوء إلى أحد خيارين لا ثالث لهما.
فإما أن يستدعي الملك محمد السادس خبراء القانون للاستشارة حول إمكانية وجود تأويلات قانونية مقنعة للمادة الدستورية التي تنص على تكليف زعيم الحزب الفائز في الانتخابات البرلمانية بتشكيل الحكومة، بحيث تصبح إمكانية إخراجها من الحصر ممكنة، وفي هذه الحالة يقوم الملك بتكليف زعيم حزب آخر برئاسة الحكومة المنتظرة.
هذا الخيار قد لا يكون مستبعدا، بل إن بنكيران نفسه قد يدفع بهذا الاتجاه، لسببين رئيسيين -حسب تصريحاته- وهما قوله إن “البيجيدي” لن يلجأ للشارع احتجاجا على منعه من رئاسة الحكومة، وقوله كذلك إنه تفاجأ شخصيا من فوز حزبه في انتخابات 7 أكتوبر، وهو ما يعني أنه لن يدعم خيار إعادة الانتخابات النيابية خوفا من الوقوع في الفشل الذي كان يتوقعه، وبالتالي فهو يفضل الانسحاب بماء الوجه الذي تحصل عليه في الاستحقاقات الأخيرة.
وفي حالة اللجوء لتأويل المادة الدستورية المتعلقة برئاسة الحكومة، فإن الملك محمد السادس لن يكلف رئيس حزب الأصالة والمعاصرة إلياس لعماري بتشكيل الحكومة المقبلة، نظرا للصراع الدائر بين حزبي “التراكتور” و”المصباح”، حتى لا يتم تأويل الأمر بأنه انحياز من قبل القصر الملكي لأي من الغريمين.
وكذلك فإن تكليف رئيس حزب الاستقلال، حميد شباط، بتشكيل الحكومة سيكون أمرا مستبعدا، وحتى وإن كان قد ظهر اليوم كأقوى حليف لحزب العدالة والتنمية، بعد سنوات الجفاء على خلفية خروج حزبه من حكومة بنكيران الأولى.
ويبقى أمام الملك خياران في هذه الحالة،أول يتعلق باختيار الزعيم الجديد لحزب الحمامة لرئاسة الحكومة المقبلة، إذا نجح هذا الأخير في إقناع بعض الأحزاب المنضوية تحت قبة البرلمان بتأمين النصاب لتزكية حكومته.
أما الخيار الثاني أمام الملك، فهو الدعوة لانتخابات برلمانية مبكرة، تعيد تشكيل الخارطة السياسية على أسس جديدة تمكن من احترام الدستور وتشكيل الحكومة بعيدا عن “بلوكاج”جديد يعطل الحياة العامة في البلاد.
غير أن الخيار الأخير يصطدم بالظروف المالية للمملكة، وإمكانية قدرتها على تمويل اقتراع جديد سيكلف خزينة الدولة مئات الملايين من الدراهم، ويشغل الإدارة عن مهامها الأساسية المتمثلة في متابعة الملفات الكبرى داخليا وخارجيا.