محمد صالح الركيبي:
لا يختلف اثنان في أن ما قدمه ولا يزال “حمدي ولد الرشيد” لمدينة العيون يسجل بمداد من ذهب على صفحات تاريخ مدينتنا القريب، بأن جعلها في مصاف المدن التي تتوفر فيها غالبية إمكانيات الولوج التي يحتاجها المواطن من إدارات وفضاءات عمومية، وإتاحة فرص عمل للشباب العاطل، وغيرها من المنجزات كثير، مهما اختلفنا أو اتفقنا حول شخصه والاستراتيجية التي يسلك لتنمية العيون..
لكن “ولد الرشيد” غابت عنه أمور كثيرة أو غيبت بقدرة قادر، بسبب حاشيته الضيقة أو الرجالات التي يعتمد عليها ويوكل لها أموره إن صح التعبير، والتي تضرب كل إنجازاته وسمعته عرض الحائط، مكتفين بإشباع غرائزهم الشخصية، وهذا ما بات اليوم على الرجل أن يدركه قبل فوات الأوان..
فبعد أن كان الرجل القوي بالصحراء يحصد الأخضر واليابس من تأييد منقطع النظير لساكنة المدينة بمختلف شرائحها، سجلت الانتخابات الاخيرة “نكسة” مدوية له بحصوله على مقعد برلماني واحد عن دائرة العيون، بعدما كان يحصد اثنين ويترك الثالث طواعية دون إكراه..
لم يكن “ولد الرشيد” بحاجة يوما لمساندة أحزاب أخرى لتكوين مكتب مجلسه البلدي، لأنه اشتغل على ذلك، وكافأته الساكنة على عمله الدؤوب وتواصله منقطع النظير، حتى بات الصغير قبل الكبير يتحدث عن إنجازاته، وكيف حول مدينة العيون من مقابر جماعية إلى حدائق غناء..
لكن، ما الذي تغير؟
ما الذي جعل القاعدة الصلبة التي سعى “ولد الرشيد” إلى بنائها منذ فترة تتآكل وتتهاوى؟
ببساطة..لأنه الأمور أوكلت إلى غير أهلها..
الخطأ طبعا ليس في الرجل، وإن كان يتحمل مسؤولية نصيب من ذلك، عندما جعل أفرادا من أتباعه والمقربين منه يتحدثون باسمه، ويعطون وعودا واهية للساكنة التي تنتظر خرجاته كل يوم بشغف حتى تحدثه بظروف عيشها وواقعها المرير..
لقد أوهم كل هؤلاء الرجل بأنهم يشتغلون على تطبيق تعليماته بالحرف الواحد، دون أن يدري أنهم لا يعملون إلا لصالح أنفسهم وقلة قليلة من أفراد أسرهم وعوائلهم، ما جعله يتفاخر بهم بين القوم..
لقد كذبوا عليك سيدي، وجعلوك تصدق كل ما تراه خلال اللقاءات الكبيرة والمكوكية التي أجلسوك بينها خلال الانتخابات الأخيرة..
لقد كانوا يشترون حضور المواطنين لتبدو لك القاعات والخيام ممتلئة عن آخرها، ويوهموك بنصر “كرتوني” قادم، قبل أن تدرك ذلك بنفسك..
لقد دافعت يا سيدي عن كل هؤلاء، وأبعدوا عنك رجالات أحبوك في الله وقاتلوا من أجلك بأموالهم وأعراضهم وأنفسهم من خلال إشاعات وضيعة و “اسواقا” لا تسمن ولا تغني من جوع..
لقد جعلت منهم رجالا بحق، بعد أن لم يكن باستطاعتهم تحصيل ثمن إبريق شاي على قارعة الطريق، فأصبحوا بين عشية وضحاها من علية القوم، يلبسون جلاليب فاخرة ويركبون سيارات فارهة ويتعطرون..اللهم لا حسد..
وليست هذه المرة الأولى التي تصنع فيها رجالا من العدم، لكن وكما نقول بالحسانية:”خالك الي يكر فيه الخير، وخالك لما يكر فيه”..
لقد كان كل هؤلاء ومن بينهم المستشار البرلماني الذي صنعته من العدم “محمد سالم بنمسعود” يبيعون ويشترون في عرضك وكرامتك منذ وطأت أقدامهم مجلسك الموقر، كانوا يبيعون الناس الوهم وأنت الذي لم يسجل التاريخ لك كذبة طيلة تسييرك لشأننا العام، فلا يستغرب أحد لماذا ينتفضون..
فعدم حصولك على ما ألفته من أصوات انتخابية مؤخرا كان إجراءا عقابيا من الساكنة ضدهم وليس ضدك، والأكيد أنه تبين لك ذلك..
سيدي..
لا نريد مسيرين جددا لشأننا المحلي بعدك، لإيماننا فقط أنهم لن يتركوا أخضرا على وجه الأرض إلا وحصدوه لصالحهم، ولعل هذا أيضا ما يقوم به كثير من أتباعك، أما الشرفاء منهم فلا يمتلكون حرية الانتقاد أمامك ولا قول ذلك..اختاروا أن يلزموا الصمت خوفا منهم، ونتمنى أن تراجع تلك الأوراق المبعثرة قبل فوات الأوان..
ببساطة لأننا في حاجة ماسة إليك، نريد أن تستمر تلك الإبتسامة الصادقة المرسومة على محياك في الصورة..