منير الكتاوي:
سيظل المغرب يشكل عقدة تفوق دائمة للجزائر، فكل الإشراقات التي يعرفها المغرب، تحاول الجزائر في مرحلة أولى التقليل منها وتبخيسها.. لكن مع مرور الوقت يحاول “جزأرتها”، بطريقة من الطرق، وما دمنا نتحدث عن الطرق، فإنه في ظل عدم وجود أي تأكيد رسمي لافتتاح طريق تربط بين ولاية تندوف في الجزائر، ومدينة الزويرات الموريتانية، تبقى هذه الطريق محاولة من قصر المرادية إضعاف الطريق الرئيسية بين المغرب وموريتانيا عبر الكركرات..
تمتد الطريق المبرمجة منذ سنوات بين تندوف وازويرات على مسافة 964 كلم، تقطع عبر طريق صحراوي في أكثر من 24 ساعة.. لكن قبل الحديث عن الطريق المزعومة، لابد من إعطاء نظرة عن طبيعة الحدود بين الجزائر ونواكشوط، التي تمتد على مسافة 473 كلم..
ففي دجنبر 2016، أي في عز ازمة قضية معبر الكركرات بين المغرب من جهة وموريتانيا والجزائر والبوليساريو من جهة ثانية، قررت الجزائر وموريتانيا لأول مرة إنشاء معبر حدودي بينهما للرفع من التبادل التجاري وتطوير حركة النقل البري والجوي بين البلدين، في إطار ما سمي بتعزيز التعاون المغاربي، ومع ذلك لم يعرف هذا المعبر رواجا تجاريا كما كان متوقعا بحكم انه يفتقر لطريق صالحة للعبور.. ولأنه اقتصر فقط على عبور مواطني البلدين إلى جانب اللاجئين الصحراويين بمخيمات تندوف..
كما أن الوضع الأمني بالقطر الموريتاني، وإعلان نواكشوط ان المنطقة الشمالية الحدودية مع الجزائر منطقة عسكرية مغلقة تدخل طريق المعبر “الدويك”، جعلها دون مستوى التطلعات، إلى جانب التهديدات الإرهابية التي تعرفها منطقة الساحل والصحراء، جعل نواكشوط تحذر غير ما مرة العابرين لحدودها الشمالية من تعرضهم لخطر إطلاق النار مباشر، إذا لم يمتثلوا لتعليمات العسكر الموريتاني.. وتعرف المنطقة الشمالية لموريتانيا المحاذية للجزائر نشاطا متزايدا لعصابات التهريب الدولي، بالإضافة إلى المجموعات الجهادية المنضوية تحت لواء تنظيم القاعدة ويمتد حيز نشاطها من حدودها مع مالي شرقًا وحدودها مع الجزائر شمالًا..
وفي الوقت الذي تراهن فيه الجزائر على ان تصبح هذه الطريق بين تندوف وازويرات دولية، فإن ذلك يعد ضمن أضغاث الأحلام، مادام أن موريتانيا جاءت الأخيرة من بين نظيراتها في اتحاد المغرب العربي من حيث حجم التبادل التجاري مع الجزائر، إذ بلغت قيمة صادرات الجزائر إليها 661 ألف دولار فقط.. فكيف تراهن الجزائر على طريق هي نفسها غير مستفيدة منها لجلب العابرين الدوليين من أوروبا إلى أفريقيا؟
ولعل هذا ما جعل الجزائر في وقت سابق ترفض الطلب الذي قدمته موريتانيا لتمويل جزء من مشروع الطريق الذي يربطها مع الجزائر ويقع داخل أراضيها، وقد بررت الجزائر رفض تمويل مشروع الطريق بارتفاع تكلفة المشروع من جهة، وعدم وجود عائد مادي للمشروع بعد إنهاء إنجازه جرّاء ضعف حجم التبادل التجاري بين البلدين.. وقد تعهدت الجزائر بإنجاز الشطر الخاص بها من المشروع في آجاله.. وأرجع خبراء هذا الرفض إلى الصعوبة الكبيرة التي أصبحت الجزائر تواجهها لتمويل مشاريع الطرق بسبب تكلفتها الباهظة، جراء التباعد الكبير في المسافات بين الولايات الجزائرية.. وعليه فإن الجزائر غير قادرة على تمويل مشاريع الطرق في الخارج.
وكان وزير الأشغال العمومية الجزائرية السابق، عبد القادر وعلي، قد صرح حول موضوع الطريق بين الجزائر وموريتانيا قائلا: إذا كانت موريتانيا تنتظر أن تتكفل الجزائر بمصاريف هذا المشروع فهي لن تفعل، مؤكدا أن الحكومة مستعدة لإنجاز الطريق الذي يربط بين ولاية تيندوف مع الحدود الموريتانية ليس إلا، مضيفا إذا كانت موريتانيا تنتظر تمويل المشروع من الجزائر، فعليها الانتظار طويلا.