شطاري-متابعة:
أجرى المغرب وجزر الكناري مناقشات ثنائية حول سبل التعاون وتبادل الخبرات في مجال الفضاء والطيران، في وقت تواصل فيه الرباط ومدريد مفاوضاتهما بشأن تسلّم المغرب الإدارة الكاملة للمجال الجوي فوق الصحراء المغربية، الذي يُدار جزء منه حاليا من جزر الكناري.
وحسب ما أوردته الصحافة الإسبانية، فإن وفدا من مؤسسة “Proexa” الكنارية، استعرضت استراتيجيتها في مجال الفضاء والطيران خلال زيارة رسمية إلى المغرب في الأيام القليلة الماضية، حيث عبّرت عن اهتمامها بإقامة شراكات ثنائية مع المملكة في هذا المجال.
ووفق المصادر نفسها، تهدف الاستراتيجية، التي عرضها الوفد، إلى تعزيز قدرات الأرخبيل الإسباني والمغرب في الصناعات الجوية والفضائية، وتنويع الاقتصاد، وجذب الكفاءات، فضلا عن جعل الجزر مركزا استراتيجيا للابتكار والتكنولوجيا على المستوى الدولي.
وقاد الوفد الذي زار المغرب المدير العام للتنسيق التنظيمي والمشاريع الاستراتيجية في حكومة جزر الكناري، دافيد بيريز ديونيس، وضم ممثلين عن المنتزه العلمي والتكنولوجي لفويرتيفنتورا، حيث عقد سلسلة من اللقاءات مع فاعلين اقتصاديين ومؤسسات مغربية.
وتم، خلال الزيارة التي جرت يومي 17 و18 شتنبر الجاري، عقد اجتماعات مع مسؤولي المجلس الاقتصادي المغربي-الإسباني “CEMAES”، والمديرة العامة لتجمع الصناعات المغربية في الطيران والفضاء “GEMAS”، والمدير العام لمعهد المهن الجوية “IMA” إضافة إلى لقاء مع المستشار الاقتصادي والتجاري لإسبانيا في الدار البيضاء.
وقدم بيريز ديونيس الخطوط العريضة للاستراتيجية الكنارية، مشددا على أن الموقع الجيو-استراتيجي للجزر والمناخ المعتدل والبنية البحثية المتقدمة تشكل عوامل جذب لتطوير مشاريع فضائية وجوية مشتركة. وفي السياق ذاته، عرض إدواردو بيريرا، مدير المنتزه التكنولوجي لفويرتيفنتورا، برنامج “Canarias Geo Innovation”، الذي يتضمن مشاريع مرتبطة بالسلامة الجوية والفضائية ومكافحة الحرائق والتخطيط اللوجستي، مؤكدا أن التعاون مع المغرب يمكن أن يفتح آفاقا جديدة للطرفين.
ويأتي هذا التحرك في وقت يتواصل فيه التفاوض بين المغرب وإسبانيا حول إدارة الأجواء بالصحراء، حيث كشف تقرير لصحيفة “إلكونفيدينسيال” الإسبانية في ماي الماضي أن المغرب يسيطر بشكل كامل على حركة الطيران العسكري في الصحراء، بينما يظل الطيران المدني تحت إدارة شركة “Enaire” الإسبانية انطلاقا من جزر الكناري.
وحسب التقرير ذاته، فإن القوات المغربية أحدثت تغييرات كبيرة على البنية الجوية في الصحراء، شملت تغيير أسماء ورموز مطارات العيون والداخلة، وإنشاء أربع مناطق حظر جوي لأغراض عسكرية، ما جعل مراقبين يعتبرون أن المغرب بات يفرض سيطرته تدريجيا على مجاله الجوي.
كما نقلت صحيفة “إل إندبندينتي” الإسبانية أن الرباط تسيطر اليوم على ما بين 15% و20% من المجال الجوي في الصحراء، وهو ما اعتبرته خطوات أحادية الجانب، تشمل فرض قيود على الطيران دون التنسيق مع مركز المراقبة في جزر الكناري.
هذه التطورات أثارت قلقا متزايدا في الأوساط السياسية بجزر الكناري حينها، حيث عبّر السيناتور خافيير أرماس عن مخاوفه من أن تكون الحكومة الإسبانية بصدد التنازل التدريجي عن إدارة المجال الجوي في الصحراء لصالح المغرب، محذرا من تداعيات ذلك على السياحة والاقتصاد المحلي.
ورغم أن حكومة بيدرو سانشيز أقرت بوجود مفاوضات مع المغرب منذ 2023، إلا أنها لم تكشف تفاصيلها، مكتفية بالتأكيد أن الهدف هو “تحقيق التنسيق بين الطرفين”، في حين تتهمها أطراف سياسية بعدم الشفافية.
وكان النائب الإسباني أرماس غونزاليز قد كشف في نونبر 2024 عن تحركات داخل وزارة النقل للتنازل عن خدمات الملاحة الجوية (ATS) في الصحراء للمغرب، معتبرا ذلك “تنازلا من الباب الخلفي”، وداعيا الحكومة لتوضيح موقفها الرسمي، إلا أنه لم يصدر أي شيء رسمي من الحكومة الإسبانية بشأن تطورات ملف أجواء الصحراء مع المغرب حتى الآن.