حسن أبو الذهب… حارس العيون وسادن الأمان

حسن أبو الذهب… حارس العيون وسادن الأمان

شطاري خاص4 ديسمبر 2025

شطاري-متابعة:

في مدينة العيون، حيث تتلاقى رياح الصحراء مع نسائم المحيط، يظل اسم “حسن أبو الذهب” يلمع كالذهب في وجدان الناس. لم يكن والي الأمن مجرد موظف في منصب حساس، بل روحا تسري في شوارع المدينة، تراقب بحزم، وتحتضن برفق، وتعيد تعريف معنى الأمن في عيون المواطنين.
كل من يعيش في العيون يعرف أن الأمان لم يكن كلمة جوفاء، بل شعورا ملموسا يرافقهم في خطواتهم اليومية.
منذ توليه المسؤولية، أدرك حسن أبو الذهب أن الأمن ليس مجرد أوامر وقيود، بل هو بناء جسر من الثقة بين رجل السلطة والمواطن، فهو يؤمن أن هيبة القانون تأتي من عدله ونزاهته، لا من خوف الناس منه، لذلك رفض منذ البداية أي شكل من أشكال الابتزاز أو الاستغلال، واضعا نصب عينيه أن حماية الناس لا يمكن أن تتحقق إلا حين يشعرون بأن من يحكمهم يخدمهم قبل أن يأمرهم.
كان ولا يزال مكتبه مفتوحا للجميع، من شيوخ القبائل إلى صغار الحرفيين، يسمع شكاواهم بإنصات، ويتابع القضايا بنفسه حين يشعر أن هناك خطرا على العدالة.

لم يكن أبو الذهب يختبئ خلف أوراق أو جدران، بل كان حاضرا في الشارع، في الأسواق، في الأزقة المظلمة التي هجرها الأمن في زمن مضى، ليعيد إليها الحياة والنظام.
رجاله الذين اختارهم ليسوا جنودا ميكانيكيين يتحركون بأوامر عمياء، بل نسخة مصغرة من روحه. علمهم أن الحزم لا يعني القسوة، وأن الرحمة لا تعني الضعف، وأن الكرامة الإنسانية هي خط أحمر لا يمكن تجاوزه حتى في أحلك المواقف.
يقفون بثبات أمام المجرمين، ويحنون أكتافهم للأطفال والأرامل والمحتاجين.
فهم يدركون أن المعركة ضد الجريمة لا تربح بالقوة وحدها، بل بالذكاء والإنصاف، لذلك اعتمدوا على المعلومات الدقيقة قبل أي تحرك، وعلى العمليات المدروسة التي تقلل المخاطر على الأبرياء.
في عهد حسن أبو الذهب، ليس هناك مجال للضربات العشوائية أو الاعتقالات الظالمة، بل كان كل إجراء يحمل بصمة العدالة.
أبرز إنجازاته كانت في محاربة شبكات المخدرات التي كانت تتسلل إلى المدينة وتحاول تدمير شبابها. لم تكن المواجهة سهلة، لكن صبره وحسن تخطيطه جعلا رجال الأمن يضيقون الخناق على هذه العصابات حتى تفككت أو فرّت. وفي الوقت نفسه، لم يغفل عن الشباب الذين كانوا على وشك السقوط في الهاوية، فعمل مع الجمعيات المحلية على إدماجهم في برامج تعليمية ومهنية، مانحًا لهم فرصة جديدة للحياة.
كان حضور حسن أبو الذهب في أي حملة أمنية كافيًا لبث الطمأنينة في نفوس السكان، والخوف في قلوب المجرمين. لم يكن يكتفي بإعطاء التعليمات من بعيد، بل كان ينزل بنفسه إلى الميدان، يتفقد سير العمل، ويتأكد أن كل عملية تُنفذ في إطار القانون والإنسانية. هذا الحضور الميداني جعله قريبًا من رجاله وقريبًا من الناس في الوقت نفسه.
في ليالي العيون الهادئة، حين يخلد الناس إلى النوم، كان كثير منهم يذكرون اسمه في دعواتهم، شكرًا على أنه جعل بيوتهم آمنة وأطفالهم في مأمن من الخوف. لم يكن الأمان بالنسبة له رقمًا في تقرير رسمي، بل كان وجه أمّ مطمئن، وابتسامة طفل في طريقه إلى المدرسة دون خوف.
عرف عنه أيضًا أنه شديد الحزم مع الفساد الداخلي. كان يرى أن أخطر تهديد للأمن هو أن ينهار من الداخل. لذلك كان لا يتساهل مع أي رجل أمن يسيء استخدام سلطته، مهما كان منصبه أو قربه. النزاهة بالنسبة له لم تكن مجرد شعار، بل قاعدة أساسية لأي عمل أمني.
ومع مرور الوقت، أصبحت العيون في عهده مدينة مختلفة. انعدمت معدلات الجريمة، وعاد الناس ليتجولوا ليلًا في شوارع كانوا يتجنبونها في السابق. انتعشت الأسواق، وعادت الحياة إلى الأحياء التي كانت تئن تحت وطأة العصابات. هذا التحول لم يكن معجزة، بل كان نتيجة سنوات من العمل المتواصل والقرارات الصائبة.
كان حسن أبو الذهب يؤمن أن الأمن هو مشروع مشترك بين الدولة والمجتمع. لذلك كان يحث السكان على التعاون مع رجال الأمن، ويشجعهم على الإبلاغ عن أي خطر، مع ضمان حمايتهم وعدم تعرضهم لأي انتقام. بهذه الطريقة، تحولت العلاقة بين الأمن والمواطنين من علاقة خوف إلى علاقة شراكة.
لم تكن شخصيته تخلو من الحزم الشديد، لكنه كان يعرف متى يلين. أمام كبار السن، كان يخفض صوته احترامًا، وأمام المجرمين، كان يرفع صوته ليذكرهم أن القانون فوق الجميع، هذا التوازن بين القوة والرحمة كان سر نجاحه في قيادة جهاز الأمن دون أن يخسر احترام الناس.
ترك في ذاكرة العيون ولا يزال إرثا من الثقة والاحترام.  فاسمه يتردد في الأحاديث، كرمز لرجل دولة نزيه وقائد أمني حكيم. لم يكن مثاليًا بلا أخطاء، لكنه كان صادق النية، واضح الرؤية، مخلصًا لرسالته حتى النهاية.
تجربته دليل حي على أن الأمن الحقيقي لا يقوم على الجدران العالية أو السلاح، بل على الثقة التي تُبنى بين الحامي والمحمِي، وعلى النزاهة التي تجعل القانون ملجأ لا سيفًا مسلطًا.

ففي زمن كثرت فيه الشكوك بين الناس ورجال الأمن، كان حسن أبو الذهب استثناءً نادرًا، وشهادة على أن القيادة العادلة يمكن أن تغيّر وجه مدينة بأكملها.
وهكذا، سيظل اسمه محفورا في ذاكرة العيون، لا كوالي أمن فقط، بل كحارس حقيقي لسلامها، ورجل جعل الأمان مرادفًا للكرامة، والعدالة قرينة الرحمة.

رابط مختصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

شطاري خاص