شطاري-متابعة
في إطار برنامج دعم المجتمع المدني “مشاركة مواطنة” الممول من طرف الاتحاد الأوروبي بالمغرب تحت إشراف مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع “UNOPS”، المجلس الوطني لحقوق الإنسان ووزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، افتتحت اليوم 07 يناير 2021، أشغال الندوة الوطنية حول موضوع: “الديمقراطية التشاركية ومسار التنزيل الترابي: أية حصيلة؟”.
الندوة تأتي ضمن الأنشطة التي ينظمها المرصد المغربي للدراسات حول المجتمع المدني والديمقراطية التشاركية، والتي احتضنها مدرج ابن خلدون بكلية العلوم القانونية والسياسية التابعة لجامعة الحسن الأول سطات.
وقد ترأس الجلسة الافتتاحية للندوة الأستاذ أحمد مالكي، والذي رحب بالحضور الوازن الذي عرفه هذا النشاط، كما أبرز أهمية موضوع الندوة لما يعرفه هذا الأخير من اهتمام واسع لدى الباحثين في المجال. ليعطي الكلمة لرئيسة جامعة الحسن الأول، خديجة الصافي التي بدورها كانت حاضرة في الجلسة، والتي شجعت عقد هذا النشاط مؤكدة على أهمية موضوع الندوة، وحرص الجامعة على الانفتاح على محيطها، ومواكبة كافة التطورات، كما اعتبرت أن الحدث العلمي هو فرصة لتعميق النقاش حول مسار تنزيل الديمقراطية التشاركي في البلاد.
وفي ذات السياق أبرز عميد كلية العلوم القانونية والسياسية الحسن الأول سطات، نجيب الحجيوي، أن الندوة غرضها هو تقييم دور المجتمع المدني وتجارب الفاعلين في هذا المجال، سواء الناجحة منها أو الفاشلة، فالحضور الذي يعرفه المجتمع المدني في دستور 2011 بات يحتم وضع استراتيجية تقييمية لهذا المكون.
وقد استمرت الجلسة الافتتاحية لتستلم الأستاذة حنان بنقاسم، رئيسة المرصد المغربي للدراسات حول المجتمع المدني والديمقراطية التشاركية، الكلمة مرحبة بالحضور، موضحة بأن الندوة هي المحطة الثانية في سياق برنامج “مشاركة مواطنة”. كما أوضحت بأن دستور 2011 ارتبط بعمق مجتمعي حيث أسس لتوجهات ديمقراطية تشاركية، وذلك من خلال مؤشرات متعددة من شأنها أن تدعم الثقة بين المواطنين والفاعلين الجمعويين.
فعاليات الندوة تم استئنافها لتترأس بعد ذلك الأستاذة حنان بنقاسم الجلسة الرسمية، حيث ألقى الأستاذ أحمد البوز مداخلته المعنونة تحت عنوان “الديمقراطية والديمقراطية التشاركية قراءة في بعض التجارب الدستورية”. والذي تعرض فيها لمفهومي الديمقراطية التمثيلية، والديمقراطية التشاركية، والعلاقة فيما بينهما، حيث أن الديمقراطية التشاركية تسمح بإعادة العلاقة بين الحكام والمحكومين، فبروزها سيشكل نوعا من التعويض عن الانتخابات فهي عملية مستمرة وملازمة لحياتنا اليومية. كما أكد على أن دستور 2011 قارب بشكل كبير بين الديمقراطية التشاركية والاهتمام بجانب الحقوق والحريات، معتبرا أن الديمقراطية التشاركية هي إعادة لترسيم الحدود بين الحكام والمحكومين. كما استشهد في هذا الإطار بتجارب بلدان رائدة في هذا المجال كالبرتغال والبرازيل.
وفي إطار المحفل العلمي الذي عرف زخما كبيرا من المعلومات حول الديمقراطية التشاركية، استلمت الأستاذة رقية أشمال الكلمة، بمداخلتها المعنونة تحت عنوان “الديمقراطية التشاركية بالمغرب: محاولة نحو فهم مرتكزات التطبيق وتعثرات التضييق”، والتي أكدت من خلالها على أن موضوع الديمقراطية التشاركية هو موضوع هام، بحيث ينبني على توسيع مساهمة الأفراد خارج زمن الانتخابات في إطار حقل مواطناتي يهدف إلى تنزيل المواطنة إلى جانب الديمقراطية التمثيلية، كما اتجهت إلى توضيح الأهمية التي أولاها دستور 2011 للديمقراطية التشاركية وأن المواطنين هم قوة مؤهلة تساهم في توطين هذا النوع من الديمقراطية. كما عرجت الأستاذة رقية على إبراز الصعوبات التي قد تتمثل في العسر في التنسيق والتوحيد بين الفاعلين ما ينتج انعدام وجود تفكير جماعي من أجل حل المشاكل، كما أن من بين المعيقات أيضا عدم وجود فرص ومساحة حقيقية للفاعلين من أجل ممارسة أنشطتهم في هذا المجال، بل يمكن وصف هذه المساحة على أنها مساحة صورية خاصة لدى الجمعيات، كما تطرقت أيضا إلى وضعية المجتمع المدني قبل وبعد دستور 2011، وكذا حضور الشباب في المجالس الترابية.
واستئنافا لفعاليات الندوة، ألقى الأستاذ أحمد حضراني مداخلته تحت عنوان “الهيئات الاستشارية للجماعات الترابية: الفرص والتحديات”، حيث تحدث عن دستور 2011، الذي حرص على إرساء مبادئ الديمقراطية التشاركية، معتمدا على الفصل 139 الذي قام بتفصيله وتقسيمه من الناحية الشكلية إلى قسمين، قسم يتمحور حول دور المواطن في تدبير الشأن المحلي، وقسم يتمحور حول دور المجتمع المدني في هذا الإطار. لينتقل بعد ذلك للحديث عن الهيئات الاستشارية، حيث أبرز بأن التشاور العمومي هو آلية لتقوية الديمقراطية التشاركية، إلا أن الإشكال الذي يطرح نفسه هو إشكال تأويل الدستور، ما يجعل من النصوص القانونية نصوصا فضفاضة يصعب تحديد سياقها الخاص، كما قدم مجموعة من الحلول منها اعتماد التكنولوجيا، أي الرقمنة، كما اقترح تقديم تعويضات لأعضاء هاته الهيئات من أجل تيسير مشاركة هؤلاء الأعضاء في هذه الاحتماعات.
الندوة استمرت بعد ذلك بمداخلة تحت عنوان “العرائض والقرار العمومي قراءة في الممارسة المغربية”، من إلقاء الأستاذ عبد الحفيظ أدمينو، والذي تطرق إلى نشأة الديمقراطية التشاركية وظروف ظهورها، لينتقل إلى الحديث عن العريضة، والتي عرفها على أنها محرر مكتوب موجه للسلطات العمومية (رئيس الحكومة، رؤساء المجالس…)، وأنها مهمة حدا بالنسبة للمدبر في الشأن العام، نظرا لأن مقترحات العرائض تساهم في تحسين الأجندة العمومية، كما أنها تلفت الإنتباه لأصحاب القرار في بغض المجالات، كما تساهم العريضة أيضا في تعزيز شفافية التدبير العمومي على المستوى الترابي، وثقافة المشاركة المسؤولة للمواطن، كما تطرق لإشكالية تنزيل العرائض على أرض الواقع بالأرقام حيث أبرز ضعفا كبيرة في هذا السياق. وفي ختام كلامه تطرق الأستاذ أدمينو إلى ضرورة الانتقال إلى الآليات الرقمية في وقتنا الراهنة في إطار الديمقراطية التشاركية.
وفي إطار فعاليات الندوة، ألقى الأستاذ عبد العالي بنلياس، مداخلته تحت عنوان “حق تقديم العرائض المعيقات القانونية والصعوبات الواقعية”، حيت تحدث عن العرائض كوسيلة من وسائل الديمقراطية التشاركية، حيث أشار إلى أنه منذ صدور دستور 2011 إلى يومنا هذا كان ولازال عدد العرائض المقدمة قليل جدا بالمقارنة مع عدد الجمعيات التي تعدت الـ 140 ألف جمعية بالمغرب، كما انتقل بعد ذلك إلى وصف القوانين بأنها قوانين مشددة في تأطير العرائض والملتمسات، وكذا تعدد أنواع العرائض ومعاييرها.
وفي ذات السياق تحدث الأستاذ أحمد بودراع من خلال مداخلته تحت عنوان “الملتمس التشريعي، قراءة في النص القانوني”، عن المبادرة في مجال التشريع، وبأنها مشروع أو مقترح قانون، وتخول لجهات معينة تخول لها من طرف الدستور، كما تحدث عن حق المواطنين في تقديم مقترحات للقوانين قد يتم الأخذ بها، كما أكد على ضرورة قراءة النص القانوني قراءة عمودية، كما أكد على أن المشرع المغربي لايزال متوجسا من المجتمع المدني في المبادرات المتعلقة بتقديم العرائض والملتمسات، وكذا عدم وضوح النصوص القانونية في هذا المجال ما يحعلها فضفاضة، كما حث الأستاذ بودراع على تسخير التطور التكنولوجي من أجل تيسير الإجراءات كاعتماد الإمضاء الالكتروني، وفي ختام حديثه أكد الأستاذ على أنه لايمكن تحقيق ديمقراطية تشاركية في ظل الصعوبات القانونية والموضوعية.
وفي الختام استلم الأستاذ عبد الحفيظ اليونسي الكلمة بمداخلة تحت عنوان “تفعيل التشاور العمومي بالمغرب بين النص القانوني وآليات التنزيل”، حيث استهلها باستحضار فرضيتين حول الديمقراطية التشاركية، أولاهما أن الديمقراطية التشاركية هي تهريب للقرار العمومي وبالتالي هروب من مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، أما الفرضية الثانية تتعلق بالبحث عن تحديد شرعية ومشروعية النظام السياسي، بمعنى أن الديمقراطية التشاركية تسعى إلى تجديد شرعية ومشروعية النظام السياسي. كما انتقل الأستاذ اليونسي للحديث عن الاستشارة أو الشورى وإلزاميتها، لينتقل إلى قراءة في بعض فصول الدستور، ومدى إلزامية تفعيل التشاور العمومي بها، كما أشار إلى أن تحقيق التشاور العمومي رهين بتواجد وعي سياسي.