سعيد زريبيع:
لم يعد أحد يهتم لحل نزاع الصحراء، أو بالكاد فهمنا الموضوع متأخرين؛ منذ بداياته داخل أروقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن؛ الذي تسيطر عليه قوى توصف بالعظمى، لا أولوية لها سوى مصالحها الاقتصادية.
المغرب يتقاتل للدفع نحو إيجاد حل تحت سيادته؛ مقدما مقترح الحكم الذاتي كآخر تنازل في مفاوضاته مع جبهة البوليساريو، وإن كانت بعض الأسرار تتحدث عن كونفدرالية تحت رعاية أممية أكثر توسعا من مقترح الحكم الذاتي، لكن تفاصيلها غامضة.
البوليساريو ومن خلفها الجزائر متشبثة بإحداث “دولة صحراوية”، وقدمت من أجل ذلك الغالي والنفيس، لكن السؤال الذي يطرح نفسه وبشدة، بعيدا عن لغة العواطف التي يتبناها العديد من الصحراويين؛ ما مدى تماشي هذا الحل مع المستجدات الدولية التي نعيشها اليوم، إذا رأى فيه البعض من أهل الجبهة أنفسهم عدم جدوائيته، بل واستحالته؟
أين الحل إذن؟
رفعت جبهة البوليساريو ومنذ مدة شعار العودة إلى الكفاح المسلح؛ أي الحرب العسكرية ضد المغرب؛ وكما يعلم الجميع أنها كذلك بعد موقعة الكركارات، وإن كان المغرب ينفي ذلك في البداية، إلا أنه سرعان ما تفاعل مع الأمر بإعلان قتلى من قيادات الجبهة بين الفينة الأخرى، بحجة محاولة عبور الشريط العازل.
ورغم أن البوليساريو بدورها تعلن في بلاغات بالمئات
“دك حصون العدو”، إلا أنها لم تعلن عن اسم واحد ممن قتلتهم، مهما تحدثنا عن وجود ضحايا من الجانب المغربي.
خاضت البوليساريو الحرب في وقت لم تتحرك فيه الجزائر لدعمها عسكريا، أو لنقل أنها سيقت إلى ذلك بسبق إصرار وترصد، فلم يعد ينفع التراجع؛ لتقدم مزيدا من الضحايا في خطوة انتحارية، قضى فيها أجمل الرجال من أبناء عمومتنا.. للأسف.
هل حل النزاع بهكذا طريقة!
طبعا لا.
أين الحل إذن؟
ولأنها مجرد ورقة تيرسي، فإن جميع الدول أصبحت تقامر بها.
الجزائر تعاند..
أمريكا تناور..
فرنسا تبتز..
اسرائيل تتغلغل..
موريتانيا تتاجر..
قيس سعيد يتفلسف..
وترنح عديد الدول بين الابتزاز والارتماء بين الأحضان، سواء تعلق الأمر بحضن المغرب أو بأحضان أعدائه.
إطالة أمد النزاع، تلكم نتائجه. لا أحد يهتم بالحل، ولن يهتم به.
وحدهن الأمهات من يأملن ذلك..
وحدهن الأمهات من يبكين بين الضفتين..
ومهما بدا الحكم الذاتي عاجزا في نظر البعض، على الأقل يعتمد كمقترح قدمه المغرب، يمكن للجبهة أن تدفع بدورها لإيجاد حل.
الجبهة وحدها..
في انتظار ذلك، لا يوجد حل.