شطاري-متابعة:
أقدمت السلطات الجزائرية على إيقاف الأديب والكاتب الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال، البالغ من العمر 75 عاما، فور وصوله إلى مطار الجزائر العاصمة قادما من باريس، يوم السبت 16 نونبر 2024، دون تقديم أي توضيح رسمي حول أسباب الاعتقال.
هذا الإجراء أثار قلق عائلته وأصدقائه، خاصة بعد انقطاع أخباره لعدة أيام.
وقد أكدت صحيفة لوفيغارو الفرنسية أن السفارة الفرنسية في الجزائر تبذل جهودا لمعرفة مصيره، بينما يعبر مثقفون ومتابعون عن إدانتهم لهذه الممارسات التي تعكس تدهور حرية التعبير في الجزائر.
تصريحات أثارت العاصفة
رغم تكتم الجزائر، حتى الآن، عن سبب اعتقال هذه القامة الأدبية، إلا أن المتتبع للشأن الجزائري يسهل عليه كشف السبب، خاصة إذا علمنا بأن الإعلام الجزائري المسخر من النظام شن هجوما شرسا على صنصال في الآونة الأخيرة، تمهيدا لاعتقاله.
وسبب هذا الهجوم يكمن في التصريحات التي أدلى بها بوعلام صنصال، قبل أيام، خلال مقابلة مع قناة فرنسية، حيث أطلق تصريحات أصابت سدنة النظام العسكري الجزائري بالجنون.
قال بوعلام إن فرنسا استعصى عليها استعمار المغرب نظرا لتاريخه العريق كإمبراطورية متجذرة في التاريخ. في المقابل، وصف الجزائر بأنها « تجمعات بشرية بلا تاريخ سياسي متين »، مما جعلها عرضة للاستعمار الفرنسي بسهولة واستمراره لمدة 132 عاما.
كما أكد صنصال أن مدنا مثل تلمسان ووهران وبسكرة كانت تاريخيا جزءا من المملكة المغربية قبل أن تقوم فرنسا بضمها إلى الجزائر.
وأضاف أن المغرب دعم الجزائر خلال حرب الاستقلال مقابل وعد باسترجاع تلك المناطق، وهو ما لم يتحقق بعد الاستقلال، مما تسبب في نزاع مسلح بين البلدين عام 1963.
انعكاسات التصريحات والاعتقال
هذه التصريحات مثلت تحديا صريحا للرواية التاريخية التي يتبناها النظام الجزائري، الذي يعتمد في شرعيته على استحضار رمزية «ثورة التحرير» ومعاداة المغرب.
وبدلا من الرد على تصريحات صنصال بالحجج، لجأ النظام إلى اعتقاله في خطوة اعتبرها مراقبون تعبيرا عن إفلاس سياسي وعجز عن إدارة النقد.
نظام مهووس بتزوير الحقائق
أثار اعتقال صنصال غضبا واسعا في الأوساط الثقافية، حيث اعتبر الكثيرون أن الجزائر تتجه نحو مزيد من التضييق على الحريات. بينما رأى آخرون أن تصريحات صنصال تمثل محاولة لإعادة قراءة التاريخ بعيدا عن التأطير الأيديولوجي الذي يفرضه النظام العسكري المهووس بتزوير الحقائق لصالح أهدافه.
بوعلام صنصال، الذي عُرف بدفاعه عن القيم الإنسانية وحرية التعبير، أصبح الآن رمزا آخر في قائمة طويلة من المثقفين الذين دفعوا ثمن آرائهم في بلد يرزح تحت قبضة السلطة. فهل سيطلق سراح صنصال قريبا تحت ضغط دولي وإعلامي، أم أن النظام الجزائري سيواصل نهجه القمعي، مما يعمق عزلته الدولية؟
وفي ظل استمرار هذا النهج، يتساءل الكثيرون عن مستقبل الحريات في الجزائر وقدرة المجتمع على مواجهة سلطة عسكرية لا تقبل النقد.