شطاري-العيون:
في إطار فقرة بانوراما بمهرجان العيون للفيلم الوثائقي حول الثقافة والتاريخ والمجال الصحراوي الحساني، عرض فيلم “صرة الصيف” للمخرج سالم بلال. وقد سبق لهذا الشريط الوثائقي الذي تناول قصة أشخاص اختاروا العيش في الطبيعة الصحراوية بعيدا عن صخب مدينة السمارة، وأن حاز على مجموعة من الجوائز في المهرجانات الوطنية والدولية، حيث حصد جائزة أحسن وثائقي بالمهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بنوادا في الهند السنة الماضية، وجائزة الاتحاد الدولي للنقاد “الفيبريسي” بالدورة 23 لمهرجان الاسماعيلية السينمائي الدولى للأفلام التسجيلية والقصيرة بمصر، إضافة إلى جائزة العمل الأول برسم الدورة 27 لمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط.
سالم بلال، قال خلال حوار أجرته معه بوابة المركز السينمائي المغربي، أن التحولات التي عرفتها أقاليمنا الجنوبية وعلى كافة المستويات، تحتم مواكبتها سينمائيا والترويج لها عالميا، مؤكدا في الوقت ذاته، أن الإبداع السينمائي هو الشرط الكفيل بإيصال الفيلم الوثائقي الحساني إلى المستويات العالمية.
وفي ما يلي نص الحوار كاملا:
– حصد فيلمكم “صرة الصيف” مجموعة من الجوائز في عديد المهرجانات، حدثنا قليلا عن هذا العمل؟
“صرة الصيف” هو فيلمي الوثائقي الأول بعد تجربة طويلة في إخراج الأفلام القصيرة ضمن تجربة “مختبر الصحراء للسينما” الذي انطلق سنة 2015، واشتغلت فيه رفقة مجموعة من خريجي المختبر، وبدأنا في البحث عن مواضيع تتعلق بكيفية تدبير أهل الصحراء لحياتهم في علاقتها بالبيئة الصحراوية التي يعيشون فيها. والحمد لله وبفضل فلسفة “مختبر الصحراء للسينما” الذي يحتضن مجموعة من شباب الأقاليم الجنوبية المهتمين بالسينما، الذين يتلقون تكوينهم على يد أساتذة أجلاء وأخص بالذكر الأستاذ حكيم بعباس والأستاذ دان سميث، استطعنا بإشراف وزارة الشباب والثقافة والتواصل والمركز السينمائي المغربي، أن نُنتج أفلاما وثائقية وأفلاما قصيرة شاركت في مهرجانات وطنية وعالمية حصدت مجموعة من الجوائز والتنويهات.
هذه الديناميكية التي بدأ يعرفها الإنتاج السينمائي في أقاليمنا الجنوبية بدعم من الدولة، أفرزت لنا أفلاما وثائقية في مستوى جيد، استطاعت أن تصل إلى تظاهرات وطنية ودولية وحققت مجموعة من الجوائز، كفيلم “صرة الصيف” وفيلم “لعزيب” لجواد بابيلي وفيلم “سنابك الخيل” للمخرجة مليكة ماء العينين، وهذا أمر مشرف للسينما المغربية.
–كيف يمكن جعل الفيلم الوثائقي حول الثقافة والتاريخ والمجال الصحراوي، منافسا قويا وحاصدا للجوائز في المهرجانات الوطنية والدولية؟
في اعتقادي، فالإبداع الفني إضافة إلى حث الشباب وتحفيزهم على إنتاج أفلام وثائقية تنبش في قضايا التنوع الثقافي بالمغرب وفي مواضيع ذات العلاقة بالخصوصية الاجتماعية والثقافية للأقاليم الصحراوية، هو السبيل لإيصال الفيلم الوثائقي حول الثقافة والتاريخ والمجال الصحراوي الحساني إلى العالمية. لأن التحولات التي طرأت على أقاليمنا الجنوبية وفي جميع النواحي، تحتم مواكبتها بالإنتاج السينمائي ليس فقط الوثائقي وإنما الروائي أيضا، من لأجل أن نبرز لكل من لا يعرف المغرب، التنوع الثقافي واللغوي الذي يميز هذا البلد، وقد آن الأوان للتسويق الدولي لهذه المنتجات الفنية.
كما أن المنتجين والمخرجين يجب أن يطلعوا على أساليب التسويق لأفلامهم، فمثلا الورشات التكوينية والندوات التي تعرفها دورة هذا المهرجان، تصب في هذا الاتجاه وما على المهتمين إلا الحضور لهذه اللقاءات وتبادل الأفكار والخبرات وتعلم تقنيات وأساليب التسويق لأعمالهم الفنية.
– ماهي في نظرك، الصعوبات التي تواجه إنتاج الفيلم الوثائقي المهتم بالثقافة والتاريخ والمجال الصحراوي الحساني؟
أكيد أن أي مبدع في أي مجال من الضروري أن يواجه بعض الصعوبات والعراقيل، لكن من منظوري الخاص، أعتقد أن أكبر صعوبة تواجه الإنتاج الوثائقي الحساني هي مشكل الإقبال من طرف الجمهور، حيث يجب أن نعمل على تحبيب الساكنة الجنوبية في الجانب السينمائي الثقافي، والانفتاح أيضا على الفيلم الروائي كما سبق وأن قلت.
– هل ضعف إقبال الجمهور على الفيلم الوثائقي، راجع إلى جودة هذه الأفلام أم إلى شيء آخر غير ذلك؟
في الحقيقة فإن الفيلم الوثائقي يعاني من ضعف الإقبال ليست فقط على المستوى المحلي والوطني، بل على المستوى الدولي أيضا، لكن دعني أقول، بأن الفيلم الوثائقي المهتم بالثقافة والتاريخ والمجال الصحراوي الحساني، عندما يكون جيدا وتتوفر فيه عناصر الجودة التقنية والفنية، فإنه يلقى بالتأكيد صدى لدى الجمهور من المغرب وخارجه، وأكبر دليل على ذلك، هذه الأفلام الذي ذكرتها قبل قليل والتي شاركت في مهرجانات دولية وحصدت جوائز عالمية، وبالتالي أكرر بأن شرط الإبداع السينمائي هو الكفيل بإيصال الفيلم الحساني إلى أبعد المستويات، لأن هذا النوع السينمائي يساهم في الترويج لصورة المغرب الثقافية المتعددة الروافد، فمثلما نجحت الرياضة في التعريف بالمغرب على المستوى العالمي، يجب أن يكون الفيلم الوثائقي عموما والفيلم الوثائقي الحساني على وجه الخصوص حاملا لصورة المغرب ومروجا لها على الساحة الفنية العالمية.