شطاري-العيون:
بعد عرض فيلمه “الملوح” في إطار المسابقة الرسمية للدورة السادسة لمهرجان العيون للفيلم الوثائقي حول الثقافة والتاريخ والمجال الصحراوي الحساني، أكد المخرج يوسف آيت منصور، أن السينما هي الحكاية. وأضاف المخرج، في حوار أجرته معه بوابة المركز السينمائي المغربي بمناسبة عرض فيلمه، أن كل الأدوات والآليات التي تحتاجها الصناعة السينمائية يجب أن تُسخر لخدمة عنصر الحكي السينمائي من أجل إثارة مشاعر الجمهور وفضوله المعرفي.
وهذا نص الحوار كاملا:
لكل عشق نقطة بداية ولكل فنان مسار، ما هي نقطة بداية مساركم وعشقكم للمجال الفني ؟
بداياتي الأولى مع المجال الفني كانت خلال فترة الدراسة الثانوية سنة 1984، حينها كانت المؤسسات التعليمية تقيم احتفالات سنوية بمناسبة عيد العرش، فقررت رفقة مجموعة من الزملاء أن نشارك في الحفل الذي نظمته ثانويتنا بمسرحية لاقت حينها إعجاب الأساتذة والحضور، وأثنوا على أدائي المسرحي. بعدها اكتشفت أن المسرح هو المجال الذي أستطيع فيه تحقيق ذاتي والمهنة التي سأتخذها لنفسي. وبعد حصولي على شهادة الباكالوريا التحقت بالمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط سنة 1989 بشعبة التشخيص، حيث كان بحث تخرجي من المعهد حول موضوع الإخراج المسرحي. من تم أصبحت أميل إلى الإخراج باعتباره الشعبة التي تناسب شخصيتي أكثر من التشخيص المسرحي، وبعد تخرجي سنة 1992، انطلقت مسيرتي الفنية في الإخراج وفي التمثيل التلفزيوني وراكمت مجموعة من الإنجازات الفنية، وشاركت في أول مسلسل تلفزيوني “الثمن” رفقة ممثلي فرقة المسرح الوطني، ثم شاركت في أعمال تلفزيونية ودرامية أخرى ولو بشكل منقطع.
ما هي السينما بالنسبة لكم ؟
السينما هي الحكاية، فكل الأدوات والآليات التي تحتاجها الصناعة السينمائية تجب أن تكون في خدمة عنصر الحكي السينمائي، وأنا شخصيا قضيت سنوات من التكوين الأكاديمي والبحث والقراءة لأفهم كيف تُحكى القصة السينمائية. فبعد مسيرتي في الإخراج المسرحي والتمثيل التلفزيوني التحقت بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش، حيث حصلت على الإجازة المهنية في الدراسات السينمائية، لألتحق بعدها بالمدرسة العليا للفنون البصرية حيث حصلت على شهادة الماستر في الإخراج والكتابة السينمائية. وخلال كل هذا المسار كنت أحاول أن أفهم خصائص الحكي السينمائي، وكيف أستطيع من خلاله إثارة مشاعر المشاهد وفضوله المعرفي وأن أنقل إليه تجارب وعبر من خلال لغة الحكي السينمائي.
تشاركون في الدورة السادسة لمهرجان العيون للفيلم الوثائقي حول الثقافة والتاريخ والمجال الصحراوي بفيلم “الملواح”، كيف كان شعوركم بعد عرض الفيلم أمام جمهور مدينة العيون؟
شعرت بسعادة عارمة بعد العرض، من جهة لأن الفيلم يعرض في الصحراء المغربية مع ما لهذه الأرض من رمزية في تاريخ وثقافة بلدنا، ومن جهة أخرى، لأن انطباعات الجمهور أثناء مناقشة الفيلم كانت في مجملها إيجابية، إضافة إلى حضور مجموعة من أطفال المدارس لمشاهدة هذا العمل الذي يتحدث عن التمدرس والطفولة، هذا الحضور، جعلني أشعر بالفخر والاعتزاز لأن هذا العمل حقق الهدف المرجو منه، وهو توعية الأطفال والأسر بأهمية التعليم والتمدرس في بناء الذات والمجتمع.
وبما أنك تتحدث عن التعليم والتمدرس كموضوع يعالجه فيلم “الملواح”، هل اختيار هذا الموضوع كان إيمانا منكم بأهمية تناول هذه القضية أم كان مجرد صدفة؟
اختيار هذه التيمة لم يكن صدفة، بل كان إيمانا مني بالدور الاجتماعي والاقتصادي للتمدرس، فهو مصعدا اجتماعي والطريق الأمثل لتحسين الواقع وتحقيق الأحلام والأماني، كما أنني انطلقت في معالجة هذا الموضوع من تجربتي الشخصية، فلولا التعليم الذي تلقيته والتكوين والتجارب التي مررت منها، ما كنت لأكون هنا اليوم.
بعيدا عن فيلمك، ما هي الأفلام الوثائقية الأخرى التي لاقت استحسانكم كمخرج، خلال هذا المهرجان؟
هناك مجموعة من الأفلام التي شاهدتها، ووجدتها تتضمن المواصفات التقنية والفنية المتعارف عليها في الفيلم الوثائقي، لكن وبكل صراحة، أعجبت كثيرا بفيلم “بيت الشعر” للمخرجة مليكة ماء العينين، لأنه يتضمن لحظات سينمائية جيدة.
لكن أريد ان أشير هنا إلى ملاحظة أو بالأحرى إلى دعوة للفاعلين في الحقل السينمائي والسمعي البصري، بتخصيص صندوقين للدعم، واحد للأعمال الوثائقية التلفزيونية وآخر للأفلام الوثائقية السينمائية، لأن بعض الأعمال التي عرضت خلال هذا المهرجان، هي أعمال تلفزيونية أكثر منها سينمائية، إذ تتضمن مشاهد تمثيلية في إطار ما يسمى الوثائقي الدرامي، وإن تتبعنا تاريخ السينما لن نجد فيه هذا النوع من الأفلام.