محمد صالح الركيبي:
في أقل من 24 ساعة أصبحت مشهورا بالصحراء، والفضل يعود بطبيعة الحال لموقع “شطاري” الذي منحني الفرصة لذلك دون أن أدفع لهم فلسا واحدا من ثروتي الكبيرة من “كرطيات وتنميات وبقع أرضية” عطاهالي الحاج حمدي الله يكثر خيرو لأدافع عنه، وأصرخ وأصدح ضد كل ما من شأنه أن يمس شخصه من قريب أو بعيد..
في أقل من 24 ساعة خلت نفسي مجرما، قاتلا من النوع المأجور الذي تردي رصاصته الواحدة غريم الدافعين به إلى مقصلة الإعدام إن هو فشل في ذلك..
لكن دعوني أحدثكم قليلا أيها الصحراويون، أبطال ومناضلي مواقع التواصل الإجتماعي، هل فعلا تؤمنون بقضية صحراوية ترعاها جبهة البوليساريو أو الجزائر أو حتى بنغلادش؟ أم هو مجرد “تحمجي” سرعان ما يذهب أدراج الرياح بعد أول صفقة شركات خاصة أو تنمية أو كرطية أو بقعة أرضية مثلي؟
لن أرميكم أبدا بالباطل، لأنكم مناضلين من الطراز الرفيع، ومثل هذا المناضل هو من يقتنص أول فرصة تتاح له ليرمي بجميع مبادئه إلى مزبلة التاريخ، إن وجدت أصلا، ولن يهمه بعدها لا قضية شعب ولا هم يحزنون، ما دام قد أشبع غرائزه الشخصية والمتمثلة في توفير سبل العيش الكريم، أليس هذا ما يوفره “ولد الرشيد” لكم ومن خلفه الدولة المغربية التي تسبونها أينما حللتم وارتحلتم؟
ولا أعتقد أن الشهيد “الولي مصطفى السيد” كان سيرضى لكم هذه الإهانة إذا ما بقي على قيد الحياة، لأن رجل عاهد الصحراويين على تحقيق كرامتهم التي افتقدوها اليوم، وسرعان ما تبخرت مبادؤه بعد أن أصبحت الجبهة كرة نار تتقاذفها الأنظمة فيما بينها، تلك الأنظمة الخسيسة التي لا هم لها سوى مصالحها الخارجية بعيدا عن تحقيق العدالة والعيش الكريم للصحراويين.
لو كان “الولي” على قيد الحياة اليوم، لما رضي كل هذا للصحراويين، ولأخرجهم من حضيض مصالح داعمي الجبهة إلى فضاء الحرية في أرضهم ومع ذويهم كما تخرج الشعرة من العجين، لن يرضى أبدا أن يعيش من انتفض من أجلهم تحت وطأة عسكر الجزائر، ينتظرون كل إشارة منهم ليتحركوا..
قرأت فيما قرأت من تعليقات حول مقالتي البارحة، وحقيقة بقدر ما أحزنني المستوى المنحط لكثيرين الذين لا يفقهون في تاريخ الصحراء شيئا، أيقنت أننا خلقنا لنعيش ممزقين بين معسكرين، معسكر شرقي جزائري لا تربطنا به أية علاقة لا من قريب ولا بعيد، ومعسكر مغربي بأخطائه وعلاته وزلاته يبقى على الأقل الأقرب إلى تاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا، وليس هذا بتلميع لصورة المغرب في علاقته بالصحراويين، ولكن لأن التاريخ وحده شاهد على مدى الإرتباط الوثيق بين الملوك العلويين والصحراويين، ولعلكم لا تذكرون مبيت السلطان “الحسن الأول” في المنزل العامر للمناضل “ولد الليلي” رحمه الله بالطاح، واجتماع “أم الشكاك”، وقدوم “بصيري” من البيضاء..
أحدثكم بأبعد من ذلك، وقد نلتقي حول مقولة “لا فالخير خير ولا فالشطاح بركة”، ولكن الحقيقة التي يجب أن ندركها وان نؤمن بها أنه وجب أن نعلن اختيارنا لأحد المعسكرين فقط، وألا خيار ثالثا يلوح في الأفق..
كلنا يدرك تمام الإدراك كيف نعامل من طرف الجزائريين في مدنهم، وأنهم لطالما اعتبرونا عبئنا عليهم، هكذا يعلنونها جهارا نهارا وعلى رؤوس الأشهاد دون أن ننبس ببنت شفة، بل لا نستطيع ذلك، ولطالما أيضا رددنا هذه الأسطوانة في في مجالسنا الخاصة، مشجبين ومنددين بما يتعرض له أبناؤنا صباح مساء بالجزائر العاصمة ووهران وعنابة وغيرها، في المقابل لن أتحدث أبدا عن معاملة المغرب للصحراويين، فكل واحد منا يدركها..يمشي كالطاووس بين الحقول..
لا يهمني المغرب هنا ولا ما يقدمه للصحراويين، ولن أناقش أيضا تلك الأسطوانة المشروخة المتعلقة بحقوقنا وخيراتنا وما يخرج من الأرض والبحر والجو، ولكن سأتحدث قليلا عن صحراويين نحن من نصبهم للدفاع عنا ولجلب تلك الحقوق، ولا يتعلق الأمر هنا ب”ولد الرشيد” وحده، لأن لنا أسماء وازنة في صلب صنع القرار المغربي، عمال وولاة ومدراء، لكن “حمدي” وحده أثبت أنه جدير بتلك الأصوات لأنه أحيى مدينة بعد مماتها، حين أضحت مدينة العيون مناكفا حقيقيا لكبرى مدن الشمال المغربي تنمويا، وحين أصبحت فرص الشغل متوفرة لكثير من أبنائنا المعطلين الذين أنهكم تعب سنين الإنتظار..
الصغير قبل الكبير في مدينة العيون يدرك ذلك، وما حققه الرجل من منجزات لا تزال تنمو وتكبر بين ظهرانينا..
من حق كل واحد منا كصحراويين أن يدين للجهة التي يريد، هكذا علمتنا مبادئ الثورات حول العالم، لكن ليس من حق أحد أن يلوم الآخر حول تلك الخيارات، وبيننا الأيام..
نسيت..
لقد نعتوني بالخائن مثلك يا “ولد الرشيد”، قالوا أنك أعطيتني “كرطيات وتنميات وبقعا أرضية”، سأخرج غدا لاستقبالك في المطار لأحدثك وجها لوجه عن حملة تحريض ضدنا، إنهم يهددون وجودنا يا زعيم!