أحمد المتوكل:
يبدو أن أعراض الشيخوخة بدأت تنهل من تفكير السيد الأمين العام لحزب الإستقلال “حميد شباط”، حول ما أثير يوم أمس عبر الموقع الإلكتروني الرسمي لحزب الميزان من اتهامه ل”الدولة العميقة” بمحاولة تصفيته جسديا على غرار ما وقع بوادي الشراط لكل من “عبدالله باها” و “أحمد الزايدي”، حسبه دائما، وهو الأمر الذي جعل وزارة الداخلية تفتح اليوم تحقيقا فيما نسب إلى الرجل من اتهامات خطيرة، ولا أعتقد أن الأمر سيقف عند هذا الحد..
لكن دعونا نتوقف قليلا عند دواعي وأسباب هذه الخرجة الإعلامية غير محسوبة العواقب لرجل يمثل حزبا بأكمله، ولماذا تم مسح ما كتب على اللسان الإلكتروني لحزب الاستقلال ساعات قليلة بعد نشره؟
لا يخفى على أحد ما تعرفه الساحة السياسية المغربية من أحداث بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وأننا وصلنا شهرنا الرابع دون تشكيل حكومة تسير أمور البلاد والعباد، ضمن ما يعتبره البعض تأخرا في اقتسام “كعكة” الوزارات التي تسيل لعاب غالبية الأحزاب وممثليها وعلى رأسهم “حميد شباط” الذي بدى مترنحا في أكثر من مناسبة، حتى بعد خروجه غير المبرر من حكومة بنكيران الأولى..
ولا يزال أقطاب الأحزاب المغربية الذين حصدوا مقاعد برلمانية مؤخرا يتصارعون حول أهلية كل واحد منهم للظفر بوزارة أو اثنين أو أكثر بما يتماشى ووزنهم داخل الخريطة السياسية الجديدة للمملكة ضاربين عرض الحائط آمال المواطنين التي وضعوها على كواهلهم بالتصويت لصالحهم، دون أن يكلفوا أنفسهم عناء رد الإعتبار تلك الحناجر التي صدحت آناء الليل وفي عز النهار لنصرة برامجهم الانتخابية والتي لم تتجاوز بقاءها حبرا على ورق..
ما يجب على “شباط” أو غيره إدراكه أنه لا وجود لدولة عميقة بالمغرب ولا سواها، إن فهم أصلا مدلول المصطلح، ولست هنا في مكان لأدافع فيه عن أي جهة كانت، ففي المغرب كل شيء واضح، وعوض أن يسمي الأمور بمسمياتها لم يجد الرجل بدا من الإختباء وراء وهم هو مدرك لحقيقته، ولعمري لن يخرج هذا عن نطاق التهديد والوعيد الذي يكله زبانية الفساد لغيرهم كلما ضاقت بهم السبل وحوصرت مصالحهم الضيقة..
نحن لسنا في أمريكا أو اسرائيل أو مصر أو سوريا أو غيرهم من الأنظمة الديكتاتورية المتعفنة حتى نتحدث عن الدولة العميقة وأدوارها الخارجية في الاستولاء على خيرات الشعوب وحرياتهم، والجميع يدرك ذلك، لكننا أمام إرادة ملكية سياسية واضحة واستراتيجية محكمة للضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه المساس بثوابت هذا الوطن..
الكل واضح في المغرب، حتى المحيط الملكي واضح بأشخاصه الذين أبدا لم يختبئوا ولا كانوا سرابا، حتى بتنا نحسبهم أفرادا من عائلاتنا لكثرة تتبعنا لخطواتهم الظاهرة للعلن..
على شباط اليوم أن يبرر خرجته، وأن يتحدث للرأي العام بمسببات ذلك بجرأة دون خوف من أحد، لا أن يظهر كالصغار ويدندن مقولتهم الشهيرة :”لعبوني معكم ولا نخسر الماتش”..