محمد راضي الليلي:
إنها تريدكم أن تلفتوا إلى قضاياها الحقيقية،و إلى إشكالياتها الكثيرة،و معاناة سكانها،بدوا و حضرا،و إلى يأس شبابها في العيش بكرامة،و إلى التمييز الذي يواجه أبناءها “كما يحدث حاليا في وكالة الجنوب،و مؤسسات أخرى”.الصحراء تريدكم أن تواجهوا بالقانون إستبداد بعض مسؤوليها في نهب الميزانيات،و في تحويل الأحداث إلى أداة لتجميل ما لا يجمل.الصحراء تريد صرامتكم في حق تجاوزات بعض أمنييها.
الصحراء لا تريدكم أن تلبسوا “دراعتها” فقط،و تغادروا من حيث أتيتم،الصحراء تريد من قلوبكم أن تنبض بنبضها،و من عقولكم أن تستحضر التاريخ الذي كتب عنها،و المخاطر التي جعلتكم لا ترتدون الزي الأمازيغي أو الريفي أو الشرقي حينما تزورون غيرها.
يا من تستقبلون في المطارات،و تنقلون إلى أفخم الفنادق،و تتلقون عند نهاية الزيارة أحسن الهدايا،إن الصحراء تريدكم أن تبلغوا شكاوى مظلوميها،من الأمهات و الأرامل و الثكالى،ممن لا حظ لهن في الميزانيات المكدسة في الخزائن الجهوية.ألا تعلمون أن كثيرا منهن لم ينلن نصيبهن من التعليم،و لا من برامج التكوين،فضاعت عليهن فرص العطاء و الإنتاج،و وجدن أنفسهن في إنتظار الذي يأتي أو لا يأتي؟
الصحراء تريدكم أن لا تزوروا فقط قصر المؤتمرات،أو تجولوا عبر شوارعها الزاهية في سيارات فارهة،الصحراء لا تريدكم فقط أن تتداعوا إلى موائدها الفاخرة من لحم الإبل و السمك الناذر،الصحراء تريدكم أن تلجوا بيوت المستضعفين،في الحي الحجري،و أزقة الدشرة القديمة،و أحياء لابوركو،و كولومينا نويبة مثلا،حيث الأسر المحظوظة لا تحيا إلا على ما نالت من “كارطيات الإنعاش”،إن وجدت.
الصحراء،أيها الوافدون،تريدكم أن تزوروا قناتها المحلية،و تعاينوا كيف تعج بآليات العمل المتقادمة،التي لم تعد للقناة الأم حاجة بها،فصدرتها خفية و تحت جنح الظلام كما فعل بصفقة النفايات الإيطالية.الصحراء تريدكم أيضا،أن تساءلوا من يحرصون على إستقبالكم عند أبواب القناة:أين ذهبت ملايين الدراهم،التي أنفقت عليها طيلة 12 سنة الماضية؟
الصحراء،يا سادة،تريدكم أيضا أن تغادروا خارج العيون،شمالا أو شرقا أو جنوبا أو غربا،و تجالسوا أصحاب النخوة و الكرامة تحت ظل خيمة في فضاء طبيعي لا متناهي،و تسألوهم عن تصوراتهم للحكومة،و عتابهم على أصحاب القرار ممن يختصرون المغرب في الرباط و الدار البيضاء.
في النهاية،الصحراء تريدكم أن تلبسوا “دراعتها”،و الآم أهاليها أيضا،قبل أن يصغر المقاس،فتبدو للعيان،عيوبكم الكثيرة.