مصطفى سيداتي صامد:
ساعات قليلة فقط تفصلنا عن تقديم شيخنا القاضي “ماء العينين” إلى محاكمة حيكت خيوطها في دجى الظلام، عندما تكالب عليه لوبي الفساد القضائي لإركاعه حتى يتسنى لهم الجولان دون رقيب في مصائر العباد، وتبرئة من يدفع أكثر على حساب الضعفاء المظلومين.
بلادي وإن جارت علي عزيزة وأهلي وإن ظنوا علي كرام، هكذا علق شيخنا وأستاذنا وقدوتنا على أيادي البطش التي طالته، مستغلين نفوذهم الكبير وسلطويتهم المتعفنة للزج به خلف القضبان، وتفصيل تهمة على المقاس للضرب في نزاهة شيخنا لإسقاطه عندما أبى ذلك، كيف لا والصغير قبل الكبير يشهد بذلك، وهو الذي عينه صاحب الجلالة قاضيا مدى الحياة، فأين ذهبت “الوساخة” التي يتحدث عنها هؤلاء قبل تعيينه، أم يريدون القول بأن الملك القاضي الأول بالمملكة قد اخطأ بتعيينه وهو الذي لا تفوته صغيرة ولا كبيرة في هذا الوطن.
قد يعتبر البعض حديثي هذا مجرد زوبعة في فنجان، وقد لا يسمن ولا يغني من جوع، حتى أنه لن يصل إلى أبعد ما وصلوا إليه، غير أنني هنا كمواطن بسيط أناشد صاحب الجلالة ليس باعتباره حامي هذا الوطن وملكه، وإنما باعتباره ابن عم وأخ وأب رؤوف برعيته بضرورة التفاتة منه إلى الذين يسيؤون إلى شخصه بقراراا فردية، استعجالية دون ان يلجؤوا إليه..
نناشد في صاحب الجلالة الحس الإنساني لا لتبرئة الشيخ، وإنما للبحث أكثر في كواليس هذه المحاكمة والتهم الموجة إليه، وبعدها لن ننطق بكلمة واحدة إذا ثبتت إدانته، والتي لن تثبت أبدا، لاننا مؤمنين أشد الإيمان ببراءته من كل هذا العبث الذي نسب إليه.
لقد ظل القاضي ماء العينين طيلة سنوات عمله بمختلف محاكم الوطن حريصا على إقامة العدل ونصرة المظلوم مهما تكالبت أيادي الغدر والزبونية والمحسوبية التي تنخر إداراتنا، وليس بغريب عليه ذلك، وهو الوارثها أبا عن جد، وهنا لن أنساق وراء اجترار كرونولوجيا التاريخ، حتى لا نتقوقع في خانة العصبية والقبايى الجاهلية المقيتة، لكن وجب الإشارة فقط أن قبيلة بأكملها تدعى “أهل الشيخ ماء العينين” ليست كما يعتقد الجميع، فرغم أنها ليست بمنأى عن محيط القصر الملكي وملوكه العلويين المتعاقبين، فإنها أشد ضحايا القبائل الصحراوية إنصافا، وأبناؤها شاهدون على ذلك، قد تجد منهم من لا يملك شراء خبز ويتعفف ان يقف خلف طوابير لتسول دريهمات معدودات قد تأتي وقد لا تأتي..
الملك وحده إذن من عين الشيخ قاضيا مدى الحياة، وتريده أيضا أن يتدخل في الملف بنفسه، ولا يمكن لأي قوة مهما كان حجمها أن تضرب في القرار الملكي وتقزمه، لأنه وحده أيضا من يمتلك قرار إعفائه أو محاكمته او سجنه ان تبين ذلك، لكن أملنا في الله كبير وفي رؤية وتبصر الملك لإنصاف رجل قدم حياته وضحى بالغالي والنفيس مم أجل نزاهة القضاء المغربي.