شطاري-متابعة:
بخلاف السنوات الأولى للشروع في تطبيق التوقيت الصيفي بالمغرب، بدأ النقاش يخفُتُ حول زيادة “ساعة إضافية” إلى توقيت المملكة، وأضحى المغاربة يتأقلمون معها تدريجيا، لكنَّ مواطنينَ لا يزالون يتساءلون عن جدْوى اعتماد المغرب التوقيت الصيفي، خاصّة وأنَّ دُولا تراجعتْ عن اعتماده، مثل مصر، التي ألْغتْه رسميا صيْفَ سنة 2016.
المبرّر الذي علّلت به الحكومة اعتماد التوقيت الصيفي، في المقام الأوّل، هو تقليص الفاتورة الطاقية؛ ذلك أنَّ إضافة ساعة إلى التوقيت العادي يمكّنُ من ربْح ساعة من استهلاك الطاقة الكهربائية؛ حيث يُستعان بالإنارة الطبيعية. وثمّة سبب آخر، وهو التقليل من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
عبد الرحيم لخويط، أستاذ جامعي متخصص في الهندسة المدنية بكندا، يرى أنَّ التوقيت الصيفي لا يُفيد في شيء من الناحية الطاقية؛ “فالموظف سيصل إلى مكتبه على الساعة الثامنة والنصف حسب التوقيت الصيفي؛ أي بعد شروق الشمس، ولا أظن أنه سيشغل الإنارة، فهو ليس في حاجة إليها عادة”، يوضح المتحدث.
إضافة ساعة إلى التوقيت العادي، في نظر عبد الرحيم لخويط، قد يأتي بنتائج عكسية في الشقّ المتعلق بحماية البيئة؛ ذلك أنَّ اعتماد التوقيت الصيفي يُتيح للمواطنين متّسعا من الوقت للفسحة والتجوال، بعد إنهاء أعمالهم، وهو ما يؤدّي إلى استهلاك الوقود بشكل أكبر من خلال التنقل بالسيارات، ومن ثمَّ إلحاق أضرار بالبيئة بشكل أكبر.
وفي الوقت الذي يتجدّدُ فيه الجدل حول “الساعة الإضافية” كلّما أعلنت الحكومة إضافتَها إلى التوقيت العادي، يرى لخويط أنَّ التطوُّر الذي عرفهُ مجال صناعة المصابيح الكهربائية يجعلُ المغربَ في غنى عن اعتماد التوقيت الصيفي؛ حيث إنَّ المصابيح الاقتصادية لا تستهلك الطاقة كثيرا، “وبالتالي إجمالي الطاقة التي لم تستهلك جراء التوقيت الصيفي لا أثر له، وعدد من البلدان أكّدَ هذه النتيجة صراحة”، يوضح المتحدث.
ويرى الخبير في الهندسة المدنية أنَّ الدولة بإمكانها أنْ تستورد المصابيح الاقتصادية “des lampes fluocompactes” وتروّجَ لها من أجل تشجيع الناس على استعمالها، “شريطة أنْ تحرصَ على أن يتمّ استيراد المصابيح ذات الجودة العالية، التي لا يشكّل استعمالها خطرا على المستهلكين، ومنْع استيراد المصابيح ذات الجودة الضعيفة التي يُمكن أن تنفجر”.
وجوابا على سؤال حوْل ما يجنيه المغرب من اعتماد التوقيت الصيفي، ما دامَ أنَّه لا يُثمر نتائج ملموسة على مستوى الحفاظ على الطاقة، قال لخويط إنَّ اعتماد هذا التوقيت في المغرب “هدفه تقليص الفرق الزمني بين المغرب وأوروبا، أكثر مما هو طاقي، حتى لا يكون هناك فارق توقيتٍ يؤثر على معاملات الأبناك وغيرها من المؤسسات التي تربطها علاقات مع الدول الأوروبية”.
وبحسب إفادة لخويط، فإنّ ألمانيا هي أول بلد اعتمد التوقيت الصيفي، وكان ذلك يوم الأحد 30 أبريل من عام 1916، ثم تلتها بريطانيا وفرنسا في السنة نفسها، أما باقي الدول الأوروبية فلم تطبق هذا التوقيت إلا مع بداية الثمانينات من القرن الماضي.
وتعود فكرة التوقيت الصيفي إلى الأمريكي فْرُكْلان الذي نادى بها أواخر القرن 18؛ أي حوالي سنة 1784، وكان ذلك في مقال له بجريدة فرنسية.