عزيز حيدار:
هذا البيت الذي أقف أمامه شيده جدنا الباشا أحمد حيدار سنة 1927م بمدينة طرفاية يطل مباشرة على المحيط الأطلسي وبجانبه “البُرج” مقر حكمه وبيت أخر مخصص للخدم، كان مسقط رأس والدي وإخوته في هذا البيت المشيد على الطريقة المعمارية الأوروبية، لست أدري لماذا أحن إلى هذا البيت القديم، لست أدري لماذا أشعر بغصة في الحلق كلما وقفت أمامه وهو مصادر منا بقرار جائر اتخذه الاستعمار الإسباني.. لست أدري لماذا هذا الخيط الرفيع الذي يجذب روحي ونفسي إليه، لست أدري ولكنني حين أذهب إليه أشعر بعبق التاريخ وعطر الحاضر..
بعد وفاة جدنا الباشا أحمد حيدار وفي سنة 1956م تفاجئ أفراد العائلة بهجوم غادر نفذته قوات الاستعمار الإسباني حيث أخرجتهم بالقوة من منزلهم الجميل وقامت بمصادرة جميع أملاكهم، انتقاماً من والدنا وإخوته بسبب انخراطهم في جيش التحرير المغربي وحملهم للسلاح في وجه المستعمر، هذا الانتقام كان بالأخص من والدنا لأنه شارك في مؤتمر أم الشگاگ التاريخي وكان ضمن الوفد الصحراوي الذي ذهب إلى الرباط لتقديم البيعة للسلطان محمد الخامس وأيضا بسبب انتخابه كاتباً عاماً لأول فرع بالصحراء لحزب الاستقلال سنة 1956م، المنزل اتخذه الحاكم الإسباني مقراً لإقامته وبعدها بسنتين إستقلت طرفاية ورجعت إلى الوطن الأم، حيث إنطلقت فصول نهب جديد لممتلكات جدنا التي ترفض الدولة إلى يومنا هذا إرجاعها إلينا، في خطوة غير مفهومة وفي تحدي سافر للأعراف والقوانين دون تعويض منطقي وقانوني!!