شطاري-هسبريس:
تقاطع فني وركحي، وغوص في أعماق الثّقافة الحسّانية، لإبراز بعضٍ من روافدها وتنوعها من خلال النبش في غِناها، جمّعها المخرج المسرحي أمين غوادة في مسرحية “خلاكة”.
مزيج من الأفكار والرؤى، اختزلها المخرج الشاب على ركح المسرح الوطني محمد الخامس لنقل حياة الرحل وأجواء بادية الصحراء، من خلال نص اعتمد فيه على أحد أهم مظاهر الثقافة الحسانية، الذي يجمع في كنفه كل مكوناتها “العزيب”، هذا الجو المعروف عند الصحراويين، حيث تم وضع زوجين في حالة عزلة تامة لخلق أجواء ستفتح الباب للمكاشفة والبوح بينهما، مع استعراض رغبات كل واحد منهما، الظاهرية والباطنية، على ضوء حياة طفل يتأرجح بين الحياة والموت.
“خلاكة” أو “ميلاد”، نص مسرحي اعتمد فيه مؤلفه، يوسف تويجر، على اللهجة الحسّانية في صيغتها البسيطة، من أجل تحقيق أحد أهداف هذا العمل، المتمثل في إشعاع هذه اللهجة على الصعيد الوطني، حسب ما أوضحه المخرج في تصريحات صحافية.
وقد وجد المخرج الشاب في النص المسرحي مساحات قابلة للملء، فتعامل مع أحداث النص العبثية بشكل مضاد لما عليه، مما منح العرض المسرحي توازناً غير منطقي في التفاعل مع الأحداث من طرف الشخصيتين.
وأضاف، في تصريحات مماثلة، أنّه حرص على الاشتغال على الجسد والحركة والفعل، لإبراز بقايا خفايا سطور النص، في حين عملت سينوغرافيا العرض على المستوى الطبيعي، الذي هو الآخر واحد من مكونات هذه الثقافة من أجل تشكيل ذلك الحاجز الذي سيوحي بالعزلة عن بقية العالم. هذا، وسيتم إنتاج موسيقى خاصة بالعرض مستلهمة من الموسيقى الحسانية وبرؤية وتوزيع جديدين.
ويتشكل فريق عمل “خلاكة” من خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، ضمنهم بعض أبناء المناطق الصحراوية، الذين تخرجوا من هذا المعهد، وعملوا على إعداد هذا المشروع داخل مناخ التجارب المسرحية المعاصرة على الصعيد الوطني لضمان إشعاع أكبر للثقافة الحسانية .
يشار إلى أن هذه المسرحية أشرف على إخراجها أمين غوادة، وقام بتشخيص أدوارها الفنانان الشابان خديجة زروال وأحمد باحدا، فيما قام عبد الحي السغروشني بالسينوغرافيا. أما الإنتاج فتكلفت به جمعية إسباس للثقافة والفنون من مدينة السمارة، بشراكة مع المسرح الوطني محمد الخامس.