شطاري-متابعة:
قد تُصبح بلجيكا هي الدولة الموالية من دول الاتحاد الأوروبي، التي تعلن دعمها المقترح المغربي لحكم الذاتي في الصحراء، والمسألة هنا لا تقتصر على التعبير عن الخطة بعبارات مثل اعتبارها “أساسا جيدا” للتفاوض، أو أنها تتمتع بـ”الجدية والمصداقية”، بل بصيغة مشابهة لتلك التي اعتمدتها جارتها فرنسا سنة 2024، والتي تعبر أن حاضر ومستقبل المنطقة يندرجان ضمن السيادة المغربية.
ومع بداية الأسبوع الجاري، تعاظمت مخاوف جبهة “البوليساريو” من هذا المسار، بفعل تسريب معلومات من داخل البرلمان البلجيكي إلى وسائل إعلام فرنكفونية، بخصوص التحضير لإدراج التصويت حول الموقف البلجيكي قبل نهاية السنة الجاري، مع العلم أنه كان من المفترض أن يتم ذلك خلال شهر شتنبر الجاري، لكن تأجل بسبب تفاعلات القضية الفلسطينية.
هذه المخاوف عبرت عنها “البوليساريو” عبر إحدى وسائل إعلامها المعروفة، وهي مدونة no te olvides del sahara occidental التي تعمل أساسا على استقطاب الرأي العام في إسبانيا وأمريكا اللاتينية، والتي ربطت الأمر بالزيارة التي قام بها مؤخرا العديد من المسؤولين في الحكومة وأحزاب الأغلبية البلجيكية إلى المغرب، وكذا “ضغط” الجالية المغربية في بلجيكا.
وقبل ذلك، كان موقع “أفريكا إنتيليجنس”، الذي أكد أن الرباط وبروكسيل يمهدان لإعلان الموقف الجديد من قضية الصحراء قبل متم سنة 2025، رابطا الأمر باتفاقية ترحيل السجناء المبرمة بين الطرفين مؤخرا، والتي ستُمكن من نقل المئات منهم إلى المملكة، إذ يوجد على الأراضي البلجيكية نحو 1000 نزيل يحملون الجنسية البلجيكية، في ظل معاناتها من اكتظاظ السجون.
لكن هذا الاتفاق لا يمثل سوى تمظهر واحد من تمظهرات التقارب، إذ في يناير الماضي، عبر وزير الخارجية البلجيكي بالنيابة، برنارد كوانتان، من الرباط، عن دعم بلاده لمخطط الحكم الذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربية، باعتباره “أساسا جيدا” لإنهاء النزاع الذي عمر لخمسة عقود، وهو موقف أعاد التأكيد عليه في نهاية يوليوز الماضي من موقعه الجديد كوزير للداخلية، خلال مشاركته في احتفالات عيد العرش.
هذه المعطيات، عرضتها “الصحيفة” على مصدر دبلوماسي مغربي، الذي أكد أن “حثَّ” الرباط لدول الاتحاد الأوروبي على التعبير عن مواقفها من قضية الصحراء بشكل “أكثر وضوحا وحسما”، ليس أمرا “سريا”، مضيفا أن ذلك ينسحب على بلجيكا كما العديد من الدول الأخرى، وهو ما دفع البرتغال مؤخرا إلى التعبير عن موقف متقدم جدا يدعم مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
المصدر نفسه، ذكَّر بأن بلجيكا عبرت بشكل رسمي عن دعم المقترح المغربي في 15 أبريل 2025، ضمن الإعلان الختامي المشترك للاجتماع الثالث للجنة العليا المشتركة للشراكة بين البلدين والذي ترأسه رئيس الحكومة المغربي عزيز أخنوش والوزير الأول البلجيكي ألكساندر دي كرو، في الرباط، إذ وصف المقترح بأنه “مجهود جدي وذو مصداقية من طرف المغرب وأساس جيد للتوصل لحل مقبول من جميع الأطراف”.
بعد ذلك بأقل من شهر، أعلن حزب الحركة الإصلاحية، صاحب ثالث أكبر كتلة في مجلس النواب الفيدرالي البلجيكي، والمشارك في الحكومة الفيدرالية، عن تقديم مقترح تشريعي في البرلمان للاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء، عن طريق رئيسه جورج لويس بوشي، موردا في بيان رسمي أن الأمر يندرج ضمن “رؤية طويلة المدى تقوم على التعاون القضائي والأمني المشترك، ودعم خطة سياسية من أجل استقرار هذه المنطقة من المملكة”.
الحزب الذي يتوفر على 4 مقاعد في الحكومة الفدرالية، أورد أن زعيمه زار المغرب للإعلان عن تقديم مقترح قانون إلى البرلمان الفيدرالي يهدف إلى “الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، وكذلك بمخطط الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب”، ناقلا على لسانه أن هذا المخطط يمثل “المسار الوحيد الموثوق نحو حل دائم وواقعي وسلمي لهذا النزاع القديم”، وأوضح أن المنطقة أصبحت اليوم “فضاءً للتنمية والاستقرار والسلام تحت الإدارة المغربية، وهو ما لاحظه بنفسه خلال زياراته الميدانية إلى العيون والداخلة”.