شطاري-متابعة:
كان مثيرا للانتباه، أن يلتقي وزير الخارجية الإسباني، خوسي مانويل ألباريس، أمس الثلاثاء بنيويورك، بكل من وزير الدولة الجزائري المكلف بالخارجية، أحمد عطاف، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغربي ناصر بوريطة، في اليوم نفسه لكن بشكل منفصل، وهما الاجتماعات الذي ساد بشأن القضايا المطروحة على طاولتهما، الكثير من التحفظ.
الاجتماعان عُقدا على هامش الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، لكنهما أيضا يرتبطان بسياق آخر يحكم، بالضرورة، العلاقات البينية بين الأطراف الثلاثة، ويتعلق الأمر بالاستعداد لمناقشة ملف الصحراء أمام مجلس الأمن شهر أكتوبر المقبل، والذي يُتوقع أن يخرج بقرار غير اعتيادي، من المرجح أن يكون أكثر “جرأة” في دعم مقترح الحكم الذاتي المغربي، وفي تحديد مستقبل بعثة “المينورسو” الأممية.
قرار مجلس الأمن المقبل، يتزامن مع الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، التي سيحتفل بها المغرب في 6 نونبر 2025، وهي تؤرخ لخروج الاستعمار الإسباني من الصحراء وتسليمها للسيادة المغربية، وهي محطة سبقتها تطورات دولية متسارعة، تمثلت في دعم دول كبرى لمقترح الحكم الذاتي المغربي، وإحدى تلك الدول كانت إسبانيا سنة 2022، وهو ما كلفها قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع الجزائر بقرار من هذه الأخيرة.
وسحبت الجزائر سفيرها من مدير في مارس 2022 وظل الفراغ الدبلوماسية قائما إلى غاية أواخر 2023، وفي فبراير 2024 أُلغيت في اللحظة الأخيرة زيارة لألباريس إلى الجزائر كان يُفترض أن تجسد نهاية الأزمة، ومنذ ذلك الحين لم يُحدد موعد جديد للزيارة، وهو الأمر الذي ذكَّرت به وسائل إعلام إسبانية بعد لقاء ألباريس وعطاف في نيويورك، في ظل أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لم يتراجع بعد عن قرار تعليق معاهدة الصداقة بين البلدين.
وقال ألباريس في تدوينه نشرها، بصيغة موجزة ومُتحفظة، على حسابه في منصة “إكس” إنه استعرض مع عطاف “العلاقات الثنائية الجيدة” بين البلدين، بما في ذلك زيادة الصادرات بنسبة 190 في المائة”، في إشارة إلى تحسن العلاقات الاقتصادية، حيث إن الصادرات كانت قد تراجعت إلى أدنى مستوى لها بعد رسالة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز للملك محمد السادس في مارس من سنة 2022.
وفي المقابل، فإن اجتماع ألباريس ببوريطة لم يكن مفاجئا، على اعتبار أن الطرفين أصبحا يلتقيان عدة مرات في السنة، وذلك منذ توقيع خارطة الطريق التي باتت تحكم العلاقات بين الرباط ومدريد، في أبريل 2022، علما أن سانشيز كان قد عين وزير الخارجية في يوليوز 2021، بعد أسابيع من الأزمة التي خلفها دخول زعيم جبهة “البوليساريو”، إبراهيم غالي، إلى الأراضي الإسبانية بوثائق هوية جزائرية مزورة.
ألباريس، الذي يُنظر إليه باعتباره الشخص الذي استطاع إنهاء الأزمة مع المغرب، والذي سبق أن تعرض للهجوم من طرف الفاعلين السياسيين ووسائل الإعلام في الجزائر، كتب عبر “إكس” أن اجتماعه ببوريطة أتاح مناقشة “العلاقات الثنائية الممتازة، التي توجد في أفضل مراحلها التاريخية”، وتابع “روابطنا من الصداقة والتعاون تتعزز وتتقدم في جميع القطاعات”، لكنه لم يظهر ما إذا كانت تطورات قضية الصحراء قد حظيت بجانب من المباحثات.
على الجانب المغربي، ما رشح عن الاجتماع، رسميا، كان هو ما نشرته وكالة المغرب العربي للأنباء استنادا إلى تصريحات ألباريس، الذي قال إنه “شكل مناسبة لإبراز الصداقة التي تربط بين إسبانيا والمغرب، وبحث السبل الكفيلة بتوطيد علاقات التعاون القائمة بين الرباط ومدريد”، وتابع أن الجانبين تطرقا إلى العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك بالنسبة للبلدين، قائلا “كل ما يصب في مصلحة إسبانيا يعد جيدا بالنسبة للمغرب، وكل ما يصب في مصلحة المغرب فهو جيد بالنسبة لإسبانيا”.