شطاري-العيون:
بعد الضجة الأخيرة التي أحدثتها تسريبات فيديوهات منظمة “الديمقراطية الآن” عند زيارة أعضاء منها لمدينة العيون سنة 2016 ولقاؤهم بممثلين عن السلطات المحلية وحقوقيين تابعين لجبهة البوليساريو، وبعد أن اتضحت نوايا المنظمة في ضرب المغرب من تحت الحزام، بتسريب فيديوهات تضرب في مصداقيته، توصلت “شطاري” بمضمون الحوار الذي أجرته المنظمة مع رئيس اللجنة الجهوية لحقوق الانسان العيون السمارة، والذي لم تنشره المنظمة بسبب الرؤية الاستباقية للشخص المحاور “محمد سالم الشرقاوي”، حيث لم يسقط في الفخ الذي نصبته له المنظمة عكس غيره..
الصحفية: ماهي مهام اللجنة الجهوية؟
الشرقاوي: اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان، هي امتداد للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، بالتالي فهي تشتغل في معالجة الشق الحقوقي، كذلك التتبع والرصد والتحري، ولعب دور الوساطة في بعض الأوقات، في الأحداث التي تقع في المنطقة.
وتقوم أيضاً ببعض الأنشطة، بالموازاة مع بعض المؤسسات؛ كالمؤسسات التعليمية والمؤسسات التي تشتغل على حقوق الإنسان.
وكذلك لدى اللجنة أعمال أخرى، كزيارة السجون وأماكن الإحتفاظ بالمهاجرين، والأمراض العقلية، وانجاز تقارير حول وضعية حقوق الإنسان، وأيضاً تقارير حول الأنشطة التي تقوم بها في المنطقة خلال السنة، ومعالجة ملفات التتبع الموروثة عن هيئة الإنصاف والمصالحة، هذا عموما.. وكلما دعت الضرورة إلى القيام بتقصي أو تحري؛ تكلف اللجنة أعضاء منها وأطر للقيام بهذا العمل، مع المساهمة في الأنشطة المرتبطة بالفئات الحقوقية بالمنطقة (ذوي الإعاقة، السجناء، المهاجرين، المرأة، الطفولة، الحقوق البيئية والثقافية).
عموماً، هذا عمل اللجنة، ولكن لدي مجموعة من الإحصائيات، الوقت لا يسمح بها، ولكنها موجودة ورهن إشارتكم.
الصحفية: كم من شكاية تلقيتم من الصحراويين؟.
محمد سالم الشرقاوي: في السنوات الماضية، أم في هذه السنة فقط؟!
الصحفية: هذا العام مثلا، وغيره أيضا
محمد سالم الشرقاوي: هي في الحقيقة عشرات الشكايات والطلبات، وهذا العام مثلاً تتراوح ما بين 250 و 300 شكاية وهذا مضمن في الإحصائيات بالتفصيل، وكل جهة موجه لها ( أمن ودرك ومصالح أخرى) لها صلة كالصحة والسجون وكل المرافق
الصحفية: ثلاثة مائة تقريباً
الشرقاوي: نعم
الصحفية: كم العدد بالضبط
الشرقاوي: بالمئات في الحقيقة
الصحفية: تحديداً
الشرقاوي: تفوق الألف
الصحفية: ألفين؟
الشرقاوي: تقريباً
الصحفية: هذا منذ بدايتكم في 2011؟
الشرقاوي: نعم
الصحفية: قبل ذلك مع من كُنتُم تشتغلون؟
الشرقاوي؟: مكتب إستشاري
وفِي الحقيقة، كل الشكايات، من بينها ماهو داخل الاختصاص وماهو خارج الاختصاص والذي يوجه لمؤسسة الوسيط مثلاً
الصحفية: ماهو طابع هذه الشكايات؟
الشرقاوي: أغلب الشكايات التي نتوصل بها، هي من مواطنيين ضد القوات العمومية، بسبب ما يقع في بعض الإحتجاجات، لتأتي في الدرجة الثانية، شكايات مرتبطة بحقوق الخدمات والمرافق الأخرى؛ كالسجون والصحة، ومرافق ذات طابع مؤسساتي لا علاقة لها بالحق في التعبير والاحتجاج، والإشكالية أن جل الشكايات؛ يفتقر إلى ما يثبت الادعاءات، وهذا راجع إلى عدم استيعاب المواطنين والمواطنات وحتى فعاليات المجتمع المدني، لطريقة تجميع المعطيات وصياغة هذه الشكايات الثابتة والمؤكدة لهذه الشكايات، وهذا ما جعلنا نقوم بتدريبات للرفع من قدراتهم؛ في إنجاز التقارير والتقصي والتقنيات المتعارف عليها على المستوى الدولي، وفِي نفس الوقت، نقوم على تدريب وتأهيل رجال الأمن والقوات العمومية من أجل التعرف على المؤسسات الدستورية التي لها دور ومهام حقوقية.
الصحفية: كيف تتعاملون مع الشكايات القديمة، لضحايا الاختطافات والاختفاءات القسرية؟
الشرقاوي: هنالك نوعان منها، ماهو مرتبط بتسوية الملفات والتعويضات، والإدماج الاجتماعي والإداري، وتسوية الأضرار الناتجة عن الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في السنوات الماضية، ونوع مرتبط بالانتهاك المستمر، كالاختفاء المستمر لمجهولي المصير الذي تسوى فيه بعض الملفات عبر تجميع الحقائق من خلال الملفات المنجزة من طرف هيئة الإنصاف والمصالحة.
الصحفية: كيف تتعاملون مع شكايات الأشخاص والعائلات الذين يتعرضون للعنف من طرف الشرطة؟
الشرقاوي: أولاً نستقبل الشكاية، وتشرف عليها لجنة من أجل تصنيفها، قبل توجيه رسائل استفسار للمؤسسات المعنية، أو القوات الأخرى؛ كالدرك أو القوات المساعدة.
وفِي البداية كنّا نواجه صعوبة عدم إجابة المؤسسات لمراسلات اللجنة، ولكن بعد مدة تم إتخاذ قرار من الحكومة، وصرنا نتوصل بإجابات من هذه المؤسسات.
الصحفية: وكيف تتجاوبون مع المشتكين بعد ذلك؟
الشرقاوي: هناك من يُخبر بمسار شكايته، وهناك من نستدعيه مرة أخرى لاستكمال بعض الأمور التي نجيب بها المؤسسات من أجل استيفاء الجواب. وهناك شكايات تفتقر لعناصر استكمال الإجراءات كجهل المكان ورقم لوحات العربات مثلاً، إسم الشخص والشهود وشواهد طبية.
الصحفية: كنّا مع حمّ القطب، شقيق الحافظ القطب، المختطف منذ التسعينات، قال: لقد راسلنا المجلس الوطني لحقوق الانسان ولم نتوصل منهم برد، ماذا تقول في هذا؟
الشرقاوي: هذا نوع من الملفات، المرتبط بمجهولي المصير، المجلس يتابعها على المستوى المركزي، وعلى مستوى هيئة الإنصاف كان الملف قد استقبل من طرف العائلة، ولحد الساعة مع الأسف لا زال الملف غير متوفر على عناصر مُقنعة، وأنا أعرف العائلة وأعرف حيثيات الملف.
الصحفية: مرت عليه سنوات تقريباً ربع قرن
الشرقاوي: أدري ذلك، وهنالك حالات منذ سنة 1975، و76 و77 وحقائقها لحد الساعة لا زالت غائبة نظراً لعدة عناصر تتعلق بالمنطقة، التي عاشت نزاع عسكري كذلك تعيش تفرقة عائلية وغياب جزء مهم من الحقيقة المتوفر عند عائلات الأشخاص الذين هم في شتات
الصحفية: منطقة نزاع تجعل من الصعب الحصول على المعلومة.
الشرقاوي: في الحقيقة، المنطقة في حاجة إلى تصليب القاعدة الحقوقية وفهمها، وتحفيز المترافعين عن حقوق الإنسان. وإلى توسيع الحقوق حتى تشمل كل الصحراويين والصحراويات، هنا في المنطقة أو هناك في مناطق اللجوء، إذ لا يمكن تجاوز المعطى الإنساني في المنطقة من أجل العبور لأي حل كيفما كان. وهذا هو الأساس بالنسبة لنا، إذ نناقش الهم المشترك والمنتظر للمواطنات والمواطنين، والدفاع عن عنصر السلم في هذه المنطقة.
الصحفية: كيف تصنف غالبية الشكايات؟
الشرقاوي: أصنف غالبيتها؛ أنها تتحدث عن إعتداءات أخطاء وتجاوزات تقع من طرف الأمن في تدبير وتفكيك بعض المظاهر الاحتجاجية في الشارع العام، وقد تطورت الطريقة في الأربع سنوات الأخيرة، في تعاطيها إلى الأكثر إيجابية من السنوات الماضية
الصحفية: تكلمنا مع الغالية دجيمي، وقالت: أنها قدمت لكم شكايتان ولَم تتوصل بجواب من اللجنة
الشرقاوي: الأستاذة الغالية، قدمت لي شكايات تتعلق بعدم حصولها على تأشيرات ”فيزا“ لمغادرة أرض الوطن من أجل المشاركة في أحد لقاءات جنيف، وتدخل المجلس في الموضوع، ولا زالت الشكاية لديه، وتم حل المشكل في ظرف يومين، وكان اتصال هاتفي بيني وبينها وبين المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وتمكنت من الوثيقة كما شاركت في اللقاء، ولا توجد لدى اللجنة الجهوية أي شكاية أخرى منها، إن كانت راسلت المجلس على المستوى المركزي، أنا لا علم لي بذلك.
الصحفية: سلطانة خيا، قدمت شكاية بعد فقع عينها بمراكش، واُخرى حول كسر على مستوى الذراع، ولَم تتوصل بجواب
الشرقاوي: على مستوى اللجنة الجهوية، لم أتوصل منها بأي شكاية ولا مراسلة. وأأكد أني لو كنت توصلت بشيء لعملت على الإجراءات التي خولنيها الدستور والظهير، ولجاوبتها بكل صراحة ووضوح. نحن بصراحة نشتغل بهذه المصداقية والوضوح. وبالنسبة لنا لا شيء يحرجنا في ممارسة القانون. ولست أنا من يساهم في اخفاء حقيقة أو تعميق جراح هذا المجتمع الذي يحتاج أن ننهض به جميعاً.
الصحفية: كونك موظف لدى الدولة المغربية، هل تقوم بعملك بكل إستقلالية؟
الشرقاوي: أكيد، أقوم بعملي دون الشعور بأي فعل ممارسة للتوجيه، ولدي علاقات مفتوحة مع كل المنظمات والهيئات ومع كل الصحراويين وغيرهم، وأشترك في تأسيس الجمعيات والدفاع عن الحقوق بالشكل الذي يسمح لي بِه القانون، ولقيت تأييد وامتناع، ولكن هذه حقوق وليست وجبة لديها وقت معين للإنجاز، ولا يمكن ذلك، لأن لها تدرج في المقاربة، وحتى ظروف العمل الحالية ليست كالسنوات الأولى؛ الآن العلاقات مفتوحة مع المؤسسات عكس ما كانت عليه مغلقة، ونداءاتنا في الإعلام موجودة بشكل مريح لو أردت الإطلاع عليها.
الصحفية: في الفلم الذي شاهدناه، هناك صحراويون معتصمون، ماذا يريدون؟
الشرقاوي: هؤلاء ضحايا الإنتهاكات الجسيمة في الماضي، لديهم توصيات للإدماج الإجتماعي، وهم يحتجون على تأخيرها وعدم توصلهم بهذا الإدماج، وقد فتحنا مهم حوار، وأنجزنا حلولاً توصلوا بها على شكل منح ووظائف وسكن، فالبتالي نحن لا زلنا مستمرون على معالجة ما تبقى من هذه الملفات. وتسوية أوضاعهم الإدارية لدى المصالح التي كانوا تابعين لها.
الصحفية: هل تم تعويض هؤلاء كما تم تعويض المغاربة؟
الشرقاوي: هذا نقاش في الحقيقة يروج بين أوساط الضحايا، ولكن حقيقةً المعايير المعتمدة التي تكلفت بها هيئة الإنصاف والمصالحة نحن لم نكن شركاء فيها، ولَم نكن نمتلك فاعلين مدنيين على قدرة قانونية وحقوقية للترافع عنهم في الوقت المناسب.. لا يمكن أن تعوض أي إنسان عن سنوات اعتقاله ولكن نقاش ذلك والمرتفعة عنه يمكن أن يتطور ويأتي بنتيجة.
الصحفية: كم هي مدة اعتصامهم؟
الشرقاوي: سنة وثماني أشهر
الصحفية: كيف عولج ملفهم؟
الشرقاوي: توصلوا بمستحقاتهم وغالبيتهم توصلت بمنح في انتظار استكمال الملف
الصحفية: هل تعرضوا لتضييق ما اثناء الاعتصام؟
الشرقاوي: لا لا، لا يمكن أن يكون أي تضييق قد طالهم طيلة اعتصامهم في المقر، وكنت مشرفاً على معاملتهم معاملة حسنة، إلى درجة أني والأطر العاملة معي انسحبنا تاركين لهم كل الحرية لممارسة حريتهم، هذا إنسان له كرامة، ونحن جزء منهم ونؤمن بحقوقهم.
الصحفية: هناك عدة فيديوهات توثق رجال الشرطة يضربون النساء، هل كانت هناك محاكمات لهم على خلفية ذلك؟.
الشرقاوي: هناك حالات تم التأكد منها، وتم تنقيلهم وتوقيفهم عن العمل بالمنطقة، وليست كثيرة، فالمعلومات لا تكون دقيقة، ولكن هناك حالات ثابتة كما وقع في مارس 2015، التي وقع فيها اعتداء على سيدات من طرف رئيس المنطقة الأمنية ونائبه وتم توقيفهم عن العمل مباشرة بعد ذلك بأسبوع.. هناك تعاطي جديد مع طريقة المعاقبة وطريقة التعاطي مع التدخلات.. وما يمكن أن أؤكده هو أن الحالات التي تقع هي حالات وتجاوزات فردية مرتبطة بأشخاص أو عناصر غير كُثر، والعنصر الأساسي هو أن ذلك غير منهم من طرف الإدارة المركزية، ضد الصحراويين فقط.
الصحفية: هل تمت محاكمة أو اعتقال أي شرطي في ذلك؟
الشرقاوي: عندي علم بحالة أو اثنتين لكن خارج ممارسات التدخل، مثل حالة وفات حمدي لمباركي التي حدثت سنة 2005، أو ما وقع لسعيد دمبر مع رجل الأمن والتي كانت فيها محاكمة مشهورة ومعروف حكمها القضائي، غير ذلك كما قلت لكم كانت عقوبات إدارية مرتبطة بالقطاع الداخلي..
الصحفية: من أسس المجلس الوطني لحقوق الإنسان؟
الشرقاوي: أسسته الدولة المغربية سنة 1991، وهو مرتبط بالمؤسسات الوطنية انطلاقاً من إتفاق باريس الذي يلح على توفر كل الدول على مؤسسات وطنية، للدفاع وحماية حقوق الإنسان، مع تمتعها بالاستقلالية والنزاهة، وهذا يضمنه لنا الدستور والظهير الذي عين به أعضاء المجلس ورؤساء اللجان.
الصحفية: كثير من الناس، منظمات حقوقية، والأمم المتحدة تتحدث عن عدم مصداقية المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وانعدام جدية التحقيقات في ادعاءات الصحراويين حول الخروقات التي تمثل الشغل الشاغل لهذه المؤسسات خلال فترة الرصد.
الشرقاوي: ما أستطيع أن أؤكده لك هو أن اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان العيون-السمارة تحظى باحترام كل المؤسسات والفرقاء، سواء الأممية وسواء المؤسسات العمومية وكذلك المواطنات والمواطنين.. أكيد أن هنالك فتور وضعف في التعاطي مع بعض الوقائع والملفات لكن غياب المجتمع المدني الضاغط والقوي والمتوافع والمطالب بهذه الأمور يؤدي إلى هذا النوع من الفتور.. كما أن هنالك تأخر في إنجاز بعض التقارير المرتبطة بعمل المجلس على مستوى التقارير السنوية، وهذه حقيقة واقعية لا إحراج فيها.. كما لدي مجموعة من التقارير التي من المفروض أن تعطى للجان التي بعثت التقصي في المنطقة من طرف المجلس، وأنا دائماً أطالب بها لأنها هي ما يؤكد ويزيد من مصداقية المؤسسة على المستويين الجهوي والوطني.
الصحفية: سنة 2014، طردت منظمة امنستي، هل سمح لها بعد ذلك بالدخول؟
الشرقاوي: هذا السؤال يستطيع أن يجيبك عنه أحد ما مركزياً في الإدارة بالرباط، لأن إمكانياتي المعرفية لا تمكنني سوى من الإجابة عن ماهو جهوي الذي أعرفه، ومن حقي المطالبة به للحصول على أجوبة فِيه.
الصحفية: أنت تعلم أن هنالك خروقات لحقوق الإنسان هنا، ولا وجود للمحاسبة، ألا يؤثر هذا على شرعية ومصداقية المجلس؟
الشرقاوي: المجلس فاعل بجانب كل الفاعلين، ولكن ما يهمه هو أن يقول بكل صدق كل الحقائق التي وقف عليها، أما ما يتعلق بضبط كل الخروقات فهذا شيء غير ممكن، لا في الصحراء ولا في أي مكان من العالم لأن هذا سلوك بشري.. ويمكنني أن أكون كاذباً لو قلت أننا نقف على كل الخروقات والانزلاقات.. فالقضية قضية وعي واستمرارية في العمل وعندما يكون إيمان بالقضية الحقوقية عبر الابتعاد عن الممارسين والفاعلين السياسيين يمكنني القول أن الأمور ستكون إيجابية.
الصحفية: تقول منظمة كينيدي، أن حقوق الكثير من الصحراويين تم خرقها واغتصابها ولكن عند سؤال المجلس يجدون مراسلات قليلة قام بها المجلس
الشرقاوي: عملنا محاذي للمواطنات والمواطنين، وهو ليس عمل على معطيات قد تكون فيها الحقيقة وقد يغيب جزء منها، وما يعنيني هو تتبع القضايا التي يعيشها المواطن والمواطنة داخل المنطقة.. ولا يستطيع أي أحد أن يثبت علينا أننا نساهم في تعرض أي صحراوي للظلم أو ”الحگرة“ وهناك إخفاقات نحن نشتغل عليها، ولولاها فما جدوائية تواجدنا.
الصحفية: هذا أقرب للسؤال من التعقيب، حول استجابة الدولة المغربية لمراسلاتكم
الشرقاوي: هذا سبق وقلته لك، كان هناك عدم استجابة بشكل مطلق، ولكن بعد مجموعة من القرارات والتدخلات على مستوى الحكومة المركزية، وقع نوع من التعاطي الإيجابي للملفات بالمنطقة.
الصحفية: هل يسمح للصحراويين بالتظاهر في العيون وحمل علمهم والمطالبة بالاستقلال؟
الشرقاوي: هذا نضال، والنضال لابد له من التضحية، وأي تضحية لابد لها من أسس تراعي السلم والاستقرار في طرق التعبير، وأي حركة غير منضبطة للسلم يتم تجريمها بطبيعة الحال.. والأكيد أن الصحراويون مروا بالكثير من المحطات حاملين الأعلام ومرددين للشعارات.. بالتأكيد وقع ذلك، وأريد أن أقول أن الصحراوي بالصحراء غير محدد، وبالتالي يجب مراعاة؛ عدم العنصرية وكل الأمور التي تمس الصحراويين أنفسهم في استقرارهم أو تمس كرامة أحد آخر.. وهنا أحمل الأمم المتحدة والفاعلين عدم مراعاة هذا الوقت الضائع من زمن الإنسانية الصحراوية ومستقبل الإنسان الصحراوي داخل منطقته.. ولا أظن أن من الممتع أن نتلذذ بالكلام عما يقع للناس، لأنها معاناة ناس واستمراريتها ستولد أشكال أخرى غير التي وقعت، وأنا كصحراوي لا يمكنني المساهمة بأي شكل من الأشكال في تكرار جرائم وانتهاكات وقساوة وقعت في الماضي.. ومشروعي هو دعم آليات الدفاع عن حقوق الإنسان والاستقرار والتعايش كعناصر أساسية داخل هذه المنطقة.. وبطبيعة الحال ممارسة الحقوق الأخرى بمؤسسات ديموقراطية وكل الحقوق التي تعطيها الصكوك الدولية والقوانين لكل البشر..
الصحفية: هل يحمل الصحراويين الأعلام، لم يسبق أن رأينا أحد يحملها؟
الشرقاوي: يحملونها ويرسمونها على الحيطان وعلقوها على أعمدة الإنارة.. وهذا فعل يجب أن يتطور كي يكون فعلاً مدنياً منضبطاً ويمتثل للآليات المعروفة، عبر جمعيات وإطارات، لأن الإمتحان بالنسبة لي ديموقراطي عبر ديموقراطية داخلية بينة تكون داخل هذه الإطارات التي ستفرض للتعاطي بيننا وبناء الثقة في بَعضنا قبل الآخر، لأنه ليس المطلوب من الصحراويين اليوم؛ إثارة الحماس فقط، أو النقاش بالشعارات، بل الوفاء للالتزامات في ما بينهم كأشخاص كإطارات وجمعيات..
الصحفية: ما رأيك في ما قاله بان كيمون حول تواجد المغرب بالصحراء، ووصفه بالإحتلال، وهل تتفق مع ذلك؟
الشرقاوي: جوابي أنا لن يكون سوى منصاعاً وممتثلاً لما يفرضه الوضع الدولي، ولن أغرد خارج السرب، قضية الصحراء قضية أممية مطروحة للتفاوض بين المملكة المغربية وجبهة البوليساريو، بالتالي وضعها الدولي هو ما يجيب عن هذا النوع، رغم إيمان العديد بمواقف سياسية، وأنا لست مجبراً على حمل السلاح، لأني أساهم في السلم والاستقرار والتعايش، والنسبة لي؛ فموقفي السياسي في قضية الصحراء يؤكده انخراطي في المؤسسات التي تدافع عن الحرية والنقاش، وفِي تطوير هذا المجتمع للمستقبل وليس إجباره على شيء مكره عليه.. وأحب أن أرى الإنسان في الصحراء يعامل بكرامة، لأنه لا يمكن إشتراء معاناة الناس التي وقعت في الماضي، وأي أحد يريد إفادة الصحراويين عليه الدفاع عن الإستقرار وعن قضايا التنمية وقضايا التوعية، ويدافع عن فكرهم.
الصحفية: ما دمت تؤمن بالقانون الدولي، هل تؤيد الاستفتاء القائم على خيارات متعددة؟
الشرقاوي: سأتكلم معك بصراحة وجرأة: نحن كصحراويين نحتاج إلى رحلة راحة، بعيداً عن التأثيرات والضغوطات السياسية والحقوقية.. الصحراويون لم يجلسوا يوما ليتحدوا على قرار سياسي يحدد مصيرهم في الماضي والذي يقع الآن، ومن يريد التحدث عن الصحراء يلزمه معرفة كل الوقائع التي حدثت في الماضي، والتأثيرات التي وقعت للقوى التي تشتغل فيها.. الشعب؛ بدوي أعزل فقهه السياسي محدود كثيراً، وبالتالي رجوعنا للماضي سيعطينا دروساً، من أجل تحصين المستقبل..
الصحفية: هل تتفق مع الأمم المتحدة في خيار الاستفتاء بكل الخيارات؟
الشرقاوي: أنظر، أنا ربما لأني لا أملك سلطة القرار ولكني كما يجب داعم بندائي؛ لكل طريق سيوصل الصحراويين لمستقبلهم وللاستقرار النهائي.. أنا مؤمن بهذه القضية، وندائي للمجتمع الدولي الشريف وليس المتلصص لمصالحه من مشاريع في الصحراء أو تحت أرضها الذي سيجعل منا عبيداً جدداً في المستقبل، وهذا ما لن نرضاه ولن نقبله بأي شكل من الأشكال.. وعلى المجتمع الدولي أن لا ينظر لنا نظرة احتقار أو استغلال بل يجب عليه أن يرانا كمجتمع قيد البناء، ويساهم فيه بشكل إيجابي.
الصحفية: هل ترى أنه يجب توسيع صلاحيات المينورسو لتشمل حقوق الإنسان؟
الشرقاوي: هذا موضوع سبق وناقشته مع كريستوف روس ومع غير، فهم يعتبروننا آلية جهوية ومصدر من مصادر الحقيقة (ليست كلها، ولكن زاوية من زواياها) أو رافد من روافدها.. ومن الأكيد أنني لو اشتغلت بحرية وامكانيات قوية، وبمشاركة كل الفرقاء بعض النظر عن تفكيرهم السياسي، أو فكرهم ومواقفهم؛ يمكن أن نؤدي معاً خدمة حقوقية للمجتمع، وفِي هذه الحالة لا حاجة لآلية أخرى.. وكل هذا لا يعني أن النقاش الحقوقي لا يبقى نقاشاً مفتوحاً، يساهم فيه الجميع، شريطة أن لايكون غاية شخصية أو ورقة ضغط على المجتمع أو توجه سياسي معيّن.
الصحفية: تقول أنه من أجل هذا؛ على الدولة المغربية أن تعطيك آليات أكبر وحرية أكثر؟
الشرقاوي: أكيد، أكيد.. كما أوجه ندائي من أجل تحرير الفاعلين المدنيين كي يكونوا مساهمين في النقاش الحقوقي بالمنطقة؛ خصوصاً الجمعيات الدولية الممنوعة الدخول، من أجل تمويل مشاريع وتكوينات داخل المنطقة، بحكم أنها منطقة نزاع أخر المجتمع عن الالتحاق بالركب الديموقراطي والحقوقي العالمي.
الصحفية: هل تعتقد أن الدولة المغربية ستترك مندوبين عن هيومن رايس ووتش من القدوم كمحققين مستقلين هنا؟
الشرقاوي: القضية قضية ثقة، وعندما تكون ثقة أن الإنسان سيقوم بدوره الحقوقي سنكون جميعاً مترافعين عنه، ولكن حين يصبح طرفاً سياسياً أو ضاغطاً على طرف معين أو إبتزاره؛ هذا ما لا يسمح به أحد
الصحفية: هل ستسمح الدولة بقدوم هيومن رايس ووتش وامنستي إلى هنا أم لا، بحكم تعاطيهما لحقوق الإنسان؟
الشرقاوي: شيء طبيعي، وبالنسبة لي كفاعل حقوقي هذا لا حرج فيه، ولن أقول أكثر ما قيل عن الوضع الحقوقي، والمطلوب هو النزاهة والمصداقية ليس فقط من هذه المنظمات، بل من كل النشطاء والحقوقيين الذين يتراجعون عن قضايا حقوق الإنسان، وما أتحدث عنه، هو شيء متأكد منه وأعرفه جيداً
الصحفية: بصفة عامة؛ يواجه الصحفيون والحقوقيون صعوبات في عملهم، فهل ترى أنه على الدولة المغربية أن ترفع الحيف عنهم ليعملوا بمصداقية؟
الشرقاوي: عندما تكون المصداقيّة، فلا مبرر للتضييق أو المنع، ومن المؤكد أني كمدافع عن حقوق الإنسان أن أشارك في هذا النوع، لكني يجب التأكيد على أن بعض الزيارات يواكبها نوع من الاحتجاجات والحراك الذي يمس من حقوق المواطنين والمواطنات مما يدفع الأمن للتدخل تحت عدة تبريرات، مِما يجعلنا نشتغل بشكل مضاعف، كتتبع الملفات ودخول المستشفيات لمرافقة الضحايا أو المعطوبين الذين يسقطون نتيجة التدخل.
الصحفية: هل توافق الرأي القائل أن الصحراء آخر مستعمرة في إفريقيا؟
الشرقاوي: في هذا السؤال بحث عن موقف سياسي، وأنا واحد من شباب الصحراء وأفتخر بانتمائي لها، وغيور عليها ويهمني مستقبلها، وحين أدافع عنها فأنا أدافع عَن نفسي ومستقبلي، في نفس الوقت؛ يجب أن نفهم أن جيلي ليس من أنتج جبهة البوليساريو، ولا دعم الجيش في الحرب ضد الصحراويين ولا ساهم في اعتقالهم، بل وجدنا هذا الوضع أمامنا، ويجب أن يكون لنا دور في إصلاحه، ومن المؤكد أننا نبحث عن دور ينفع في راهنية ومستقبل الإنسان الصحراوي، وهذا حق لا نريد أن يحرمنا منه أي أحد، تحت أي مبرر كان، فقط لأنه سبقنا في إتخاذ مواقف أو قرارات.. ومن المؤكد أن أي صحراوي مع المغرب يبحث عن المشاركة والمساهمة، وحتى من معى جبهة البوليساريو لديه ذات الطموح، إذن هذا طموح مشترك.
الصحفية: خلال تجربتي في العيون، لاحظت أنني مراقبة وتتبعني الشرطة، وقدموا إليّ في الفندق
الشرقاوي: أين المشكل؟
الصحفية: ألا تعتبر هذا مشكلاً، حين يعامل الصحفيون هكذا؟
الشرقاوي: حقيقةً هذه عادة سيئة، وتكلمنا عنها في العديد من المحطات، لكن تبريرات الأمن ليست هي نفسها تبريراتنا نحن، وبالتالي سأكون كاذباً حين أقول لك أن هذا سيتوقف أو لن يتكرر.. ولقد عانينا نحن أنفسنا من هذا في فترات معينة، وبشكل متكرر، حين كنّا نشطاء في حركات مدنية ونشطاء؛ نحن لم ننزل لهذا المجال من القمر، أو أننا محصنون.
الصحفية: كيف كنت تعامل في الماضي؟
الشرقاوي: بالمتابعة وتوقيف السيارة، ومجموعة من الأمور نعتبرها إمتحانات، صبرنا خلال محطاتها للعبور نحو السلم بالمجتمع، ولم نعطي ردود فعل سلبية.. ونتمنى أن نوفق في مسارنا وأن نؤدي الأمانة التي على عاتقنا .. كما نتمنى أن ينتهى الإشكال المطروح، ولا تستمر معاناة الإنسان بالتفرقة، قساوة الطبيعة والظروف الإجتماعية.. ونطلب من الله الفرج.
الصحفية: هل يؤثر ما تعرضت له، على عملك وطموحاتك؟
الشرقاوي: أعتبر ذلك محفز يجعلني أدافع من أجل التغيير كي لا يحدث لأبنائي ولا لمن هم أصغر مني سنا.. فأنا أحب أن أرى منطقتي حرة جميلة تُمارس فيها كل خيارات الإنسان؛ الفنان يتمتع بأريحية، والرياضي كذلك.. يجب علينا أن نصنع مجتمعاً متكاملاً ومتناسقاً؛ يجد فيه الجميع رئة يتنفس بها حسب إختياره..
الصحفية: هل تتفق مع التضحية بحقوق الإنسان من أجل الإستقرار؟
الشرقاوي: لا أظن أن يتناقض هذا، فحقوق الإنسان هي الضامنة للاستقرار والتعايش.. وإذا لم يكن وعي بالحقوق المتوفرة لدى كل الفرقاء مع الإيمان بهذه القضية لا يمكن أن يكونوا شركاء في تدبير المشهد..
الصحفية: شكرًا
الشرقاوي: شكرًا لكم ومتمنياتي بالتوفيق