شطاري-العيون
بلاغ النقابة الوطنية للصحافة المغربية
الأوضاع المهنية للصحافيات والصحافيين في تدهور، بوتيرة أسرع من الماضي
عقد المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية طيلة يوم الخميس، الثالث من شهر أكتوبر الجاري، يوما دراسيا بالدار البيضاء تدارس خلال جدول أعماله قضايا تنظيمية ومهنية. وفي ضوء التقارير القطاعية التي عرضت خلال هذا اللقاء، وإثر النقاشات المستفيضة التي حظيت بها هذه التقارير، خلص الاجتماع إلى إصدار البيان التالي:
إن النقابة الوطنية للصحافة المغربية تسجل بأسى وقلق وتذمر استمرار الأوضاع المهنية للصحافيات والصحافيين في التدهور، بوتيرة أسرع من الماضي، على كافة المستويات وفي جميع القطاعات بدون استثناء.
ـ فيما يتعلق بالصحافة المكتوبة ” الورقية والرقمية” يواجه الزملاء والزميلات ظروفا صعبة وقاسية أمام حالة الجمود والتدهور الذي يغرق فيه القطاع، فمن جهة هناك تراجعات خطيرة حتى بالمقارنة مع ما كان عليه الوضع في الماضي، إذ تمتنع بعض مؤسسات الإعلام المكتوب عن تسديد واجبات الانخراط بالنسبة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والتأمين الصحي والتقاعد التكميلي، رغم أنها تقتطع هذه المستحقات من أجور العاملين والعاملات.
هذا وترصد تقارير اللجان النقابية، التابعة للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، الأساليب الخطيرة التي تمارسها بعض المؤسسات الصحفية في تسديد الرواتب، حيث يوقع الصحافيون على مبالغ أقل مما يتقاضونه فعلا. وبالنسبة للأجور فقد عرفت جمودا مطلقا منذ سنوات خلت والتي أضحت تعتبر من أقل المداخيل المالية مقارنة مع مداخيل باقي الأطر في المجتمع.
ـ تجدد النقابة الوطنية للصحافة المغربية التذكير بأن رفع قيمة الدعم المالي لفائدة المؤسسات الإعلامية المهيكلة لم يستفد منه الصحافيون ولا العاملون داخل هذه المؤسسات، ولم ينعكس على رواتبهم ووضعيتهم الاجتماعية، ناهيك أن العديد من المؤسسات المستفيدة من هذا الدعم لا تحترم مقتضيات الاتفاقية الجماعية التي تمثل شرطا رئيسيا للاستفادة من الدعم.
ـ تسجل النقابة باستياء كبير التخاذل الممنهج على عدم تجديد الاتفاقية الجماعية التي تنص على ضرورة مراجعتها بعد مضي مدة ثلاث سنوات على دخولها حيّز التنفيذ، والحال أن أكثر من 15 سنة مضت على إقرار هذه الاتفاقية، الأمر الذي فتح الباب أمام الخروقات الكبيرة التي تعرفها عدد من المؤسسات الاعلامية والتي لا تحترم أبسط حقوق العاملين بها، والذين يشتغلون في ظروف حاطة بالكرامة.
ـ تنبه النقابة الوطنية للصحافة المغربية إلى الخطورة البالغة التي أضحت تهدد مهنة الصحافة بسبب حالة الفوضى والتسيب التي تعيش عليها، وفي هذا الصدد فإن النقابة تقرر فتح ورش تشاور وطني من أجل إصلاح جديد للقانون الأساسي للصحافي المهني وقانون الصحافة والنشر وقانون إحداث المجلس الوطني للصحافة وعلى المرسوم الوزاري المتعلق بمنح بطاقة الصحافة المهنية بما يضمن حماية المهنة من هذه الحالة المتدهورة.
ـ بالنسبة للأوضاع في الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، فإن النقابة الوطنية للصحافة المغربية تنبه إلى الخطورة البالغة التي تكتسيها حالة الجمود والانتظارية في هذه المؤسسة الإعلامية الكبرى، في الوقت الذي أوقفت فيه إدارتها وبطريقة غير مفهومة المشاورات والمفاوضات التي كانت تجريها مع النقابة الوطنية للصحافة المغربية، عكس ما روجت له الإدارة في بلاغها الأخير. وموازاة مع ذلك تستمر الأوضاع داخل هذه المؤسسة في التردي، خصوصا ما يتعلق بظروف العمل التي لم تجتهد الإدارة إلا في اتجاه تشديد المراقبة على العاملين وتتبع خطواتهم.
ـ بالنسبة للأوضاع داخل القناة الثانية فإن النقابة تدعو إلى الاهتمام الحقيقي والفعلي بالأوضاع المادية والمهنية للزملاء هناك، و أن الأزمة المالية التي تدفع بها إدارة المؤسسة في كل مناسبة، والتي لا يمكن القبول بها ، اعتبارا أنها نتيجة لسياسة الإدارة و لطريقة تسييرها للقناة الثانية و لسنوات خلت، لن تصلح ما تم إفساده ، و هي غير مبررة لحالة الأزمة العامة و لا مبررا أيضا لتجاهل المطالَب المشروعة للعاملين هناك، لذلك تدعو النقابة الوطنية للصحافة المغربية إدارة القناة الجلوس إلى طاولة الحوار على أساس الاستجابة لمطالب العاملين و فق أجل زمني معقول ومحدد .
ـ أما الأوضاع داخل وكالة المغرب العربي للإنباء فإنها تزداد سوء وترديا، إذ عوض الاهتمام بالأوضاع المادية والمهنية للعاملين خصوصا الصحافيين، وتحسينها، تلجأ الإدارة إلى استثمارات مضخمة. كما أن الإدارة، وبعد سطوها على جمعية الأعمال الاجتماعية وعدم تطوير وتوسيع خدماتها، وحرمان منخرطيها من الإطلاع على تفاصيل تدبير جمعيتهم، والممولة من المالية العمومية، تجتهد الإدارة الحالية لهذه المؤسسة في ممارستها الاستبدادية لضرب العمل النقابي، وهو الأمر الذي تجلى في التعيينات الأخيرة داخل الوكالة، حيث ألقت الإدارة بالمسؤولين النقابيين في مناطق بعيدة انتقاما منهم وحرصا منها على منعهم من ممارسة حقهم المشروع في العمل النقابي.
ـ وسواء تعلق الأمر بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة أو بالقناة الثانية أو بوكالة المغرب العربي للأنباء باعتبارهم مؤسسات عمومية، فإن النقابة الوطنية للصحافة المغربية تؤكد أن هذه المؤسسات أبعد ما تكون عن تقديم الخدمة العمومية وعن أداء المرفق العام، حيث تقدم منتوجا يفتقد إلى ابسط شروط الخدمة العمومية ويتنصل من مسؤوليته المجتمعية باعتبار هذه المؤسسات جزء من المرفق العام الذي يمول بميزانيات متحصلة من المال العام.
ـ ولا تختلف الأوضاع بالنسبة لقطاع الإذاعات الخاصة التي كان الأمل معقودا عليها للريادة في مجال إيجاد وتثبيت نماذج مقاولات إعلامية حديثة ومتطورة، إلا أن هذا الظن خاب بحيث يعيش القطاع أوضاعا خطيرة جدا تتميز بإذلال العاملين في ظروف عمل قاسية جدا وبأجور هزيلة، بل إن زملاء تعرضوا إلى انتهاكات جسيمة لحقوقهم، وبعض المسؤولين في هذا القطاع يدبر المؤسسة بثقافة الضيعة والقطيع، لذلك لا يجد أي حرج في الطرد والتسريح والانتقال التعسفي و الانتقامي، بل إن بعض مؤسسات هذا القطاع تمنع الصحافيين حتى من الحصول على وثائقهم الإدارية العادية.
إن النقابة الوطنية للصحافة المغربية إذ تستعرض جوانب محدودة كعينة من الأوضاع المادية و المهنية المتردية في قطاع الصحافة و الإعلام، فإنها تؤكد متابعتها للأوضاع بما يجب من مسؤولية و حزم، و أنها ستقدم على خطوات و قرارات تكون في مستوى مواجهة هذه الأوضاع التي تكاد تكون غير مسبوقة، و تحمل السلطات العمومية المختصة مسؤولية، وتحمل الحكومة و قطاعاتها المختصة مسؤولية ما قد يترتب على المعاناة القاسية التي يواجهها الصحافيون و الصحافيات، و تدعو النقابة الفدرالية المغربية لناشري الصحف إلى تحمل مسؤوليتها في هذه الظروف الدقيقة جدا .