شطاري-العيون
هو أحد أبناء الصحراء، ذو التجارب الواسعة، والتاريخ الحافل بالإنجازات، ازداد سنة 1952 بأوسرد جهة الداخلة واد الذهب، حفظ القرآن ومبادئ الدين الاسلامي على يد الشيخ “أحمد داهي” من قبيلة أهل الحاج والذي كان يدرس أغلب الأطفال في تلك الفترة بالعركوب، كما كان يتابع دراسة اللغة الاسبانية وجغرافية اسبانيا وحدودها وجزء من تاريخها على يد ضابط صف (Serkhénto) من اللفيف الأجنبي الاسباني (ترسيو) (TERCIO EXTRANJEROS)، إنه الشريف الإعلامي “ماءالعينين ماءالعينين” المدير السابق لإذاعة العيون الجهوية ومندوب وزارة الإعلام بالأقاليم الصحراوية سابقا.
من الصحراء إلى رباط المغرب.. مسار دراسي حافل
صيف 1965 ، انتقل ماء العينين للدراسة بمدينة الرباط رفقة أخيه الأكبر “مربيه ربه” رحمة الله عليه، والسبب أن والده المغفور له “الدكتور أحمد الهيبة بن الشيخ مربيه ربه بن الشيخ ماء العينين” سكن في مدينة الرباط منذ استقلال المغرب سنة 1956.
واصل ماء العينين تعليمه الإعدادي والثانوي ( 1966 إلى 1973)، بين مدارس محمد الخامس بالرباط، وحصوله على شهادة الباكالوريا سنة 1973 من ثانوية القاضي بن العربي بتطوان، ليكمل دراساته الجامعية (1973 إلى 1976) ليحصل على الاجازة في الشريعة من جامعة القرويين بفاس عام 1976.
بعد الترحيل.. عودة بطابع سياسي لطرد المستعمر الاسباني
تعرض ماء العينين للاعتقال من طرف السلطات العسكرية الاسبانية لأيام بمركز الشرطة المحلية الاسبانية Policia Territorial بالداخلة، وذلك في صيف 1972، حيث كان في زيارة للأهل في منطقة تنكير قرب العركوب بجهة الداخلة واد الذهب، فتم ترحيله من الصحراء، لزعم المستعمر الإسباني أنه غير مرغوب في تواجده “بالصحراء الغربية الاسبانية”، ليعود في سنة 1974. التحق ماء العينين بالجناح السياسي لجبهة التحرير و الوحدة والتي كانت تتكون من مجموعة من الطلبة الصحراويين من مختلف القبائل يدرسون بشمال المغرب وهدفهم تحرير الصحراء من الاستعمار الاسباني.
طرفاية.. محطة نحو انطلاقة إعلامية في مسيرة ماء العينين
أثناء إحدى الرحلات من الرباط إلى الجنوب، مر ماء العينين بمدينة طرفاية، حيث أدت به الأقدار إلى التعرف على الإعلامي الكبير من الاذاعة المغربية، المرحوم ” محمد جاد”، الذي كان رئيسا للمحطة الجهوية للإذاعة بطرفاية “صوت التحرير و الوحدة” والتي أنشأت في سنة 1974 وهي موجهة للأقاليم الصحراوية الخاضعة للاحتلال الاسباني.
بعدها انتقل ماء العينين رفقة محمد جاد إلى مقر استوديو الاذاعة، حيث طلب الأخير من ماء العينين العمل في المحطة “كمذيع ومقدم للأخبار والبرامج” بعد أن أجرى له ( فحص أو تجربة)، حيث برز وتفوق، ليبدأ معهم العمل كمتعاقد خارجي يوم 04/08/1974.
رغم الإمكانيات المحدودة التي كانت تتوفر عليها الإذاعة، حيث كانت تبث من الصباح إلى منتصف الليل يوميا وبرامجها موجهة إلى مدن الجنوب،د؛ كان الاشتغال الشاب الصحراوي بعزيمة قوية، إذ أن أغلب المواد الاخبارية يتم تلقيها عبر “الراديو ترانزيستور”، ولا تتوفر على أبسط وسائل الاشتغال الاذاعي أو الإعلامي.
كفاح إعلامي.. بين إذاعة “صوت التحرير و الوحدة” والاعلام الاسباني
تحت ظروف صعبة كان طاقم إذاعة “صوت التحرير و الوحدة”، ومن بين أعضائه البارزين ماء العينين يلتقطون في مساء كل يوم إذاعة العيون “التابعة للقيادة العسكرية الاسبانية والحاكم العام للمنطقة آنذاك الجنيرال “سانلازار”، حيث كانت تلك الاذاعة توجه تعليقا سياسيا كل يوم في الصباح والمساء. وكانت “صوت التحرير والوحدة” في حرب اعلامية مع الطرف الآخر وخصوصا مع الاعلامي “الحسن أحمد علي عبدالله (الداودي)”، والذي كان يوجه تعاليق سياسية حادة وذكية ويحاول دائما الاستهزاء وهز معنويات الطرف الاخر.
من الإذاعة إلى التلفزة.. طرفاية حظيت بإشعاع إعلامي رائد
بعد أن كانت إذاعة “صوت التحرير و الوحدة” تعمل بإمكانيات بسيطة، تم بعد شهرين تقريبا افتتاح محطة للتلفزة بمدينة طرفاية ( محطة المسيرة) بالتعاون بين مهندسين مغاربة وألمان، وعرفت هذه الفترة تناوب أعداد هامة من الاعلاميين البارزين في الاذاعة والتلفزة المغربية على العمل بطرفاية، والذين عملوا بنكران للذات و بروح وطنية عالية.
ولعبت إذاعة “صوت التحرير و الوحدة” دورا كبيرا في شحذ الهمم وبث الروح الوطنية في عموم المواطنين الخاضعين للاحتلال الاسباني وأيضا المواطنين المشاركين في تحضير وانطلاق المسيرة الخضراء .
وبعد استرجاع مدينة العيون كان ماء العينين من بين الاخوة الذين حضروا حفل تسلم أول إدارة مدنية رسمية من السلطات الإسبانية وهي «Radio Sahara » أي إذاعة العيون حاليا. ووقع محضر التسلم عن الجانب المغربي “محمد جاد” الذي كان يشغل منصب مدير إذاعة طرفاية “صوت التحرير والوحدة”، و ” عبدالحق السليماني” عن القطاع التقني بالإذاعة والتلفزة المغربية وبحضور عدد من أطر الاذاعة المغربية، وعن الجانب الاسباني “فريديريكو كامبو”، مدير إذاعة «Radio Sahara » ومساعديه.
بعد تجهيز هذه الاذاعة بالمعدات ولوازم العمل واستقطاب عدد مهم من الأطر والكفاءات التقنية والصحافية الوطنية والمحلية أصبح لإذاعة العيون نسبة متابعة كبيرة علما أنه في تلك الفترة لا يوجد منافس للراديو نظرا لانحصار دور التلفزة وانعدام الوسائل الأخرى.
ماء العينين.. تاريخ إعلامي حافل بالعطاء
خلال فترة اشتغاله بالأقاليم الصحراوية تدرج ماء العينين في سلم المسؤوليات إلى أن عين مديرا لإذاعة العيون الجهوية إلى جانب كونه مندوبا لوزارة الإعلام بالأقاليم الصحراوية، وكان مراسلا لجريدتي العلم و الأنباء، هذا بالإضافة إلى إعداد و تقديم عدد من البرامج ذات الطابع السياسي والاجتماعي والثقافي والتي لاقت شعبية كبيرة لدى مستمعي الإذاعة:
– استراحة عبر الاثير
– جودة الميكرفون
– الوطن غفور رحيم
– صوت العائدين إلى أرض الوطن وغيرها…
ذلك إلى جانب تغطية نتائج المعارك والاحتكاكات التي كانت تحدث بالمنطقة بين القوات المسلحة الملكية وجبهة البوليساريو ومنها معارك :
– بئرانزاران
– الواركزيز
– تازوة
– الحوزة
– معارك كلتة زمور الثلاثة
إضافة إلى تغطية الزيارات الملكية للأقاليم الصحراوية
و مواكبة استرجاع إقليم وادي الذهب سنة 1979.
وما هذا إلى جزء يسير من تاريخ رجل وطني ومناضل كرسي حياته لخدمة القضية الوطنية الأولى، ودافع عنها بكل استماتة ما جعله أحد أبرز رجالات الصحراء عبر التاريخ.