محمد سالم العربي:
طرحت السيول التي قطعت جهة العيون الساقية الحمراء عن محيطها الشمالي لعدة أيام العديد من التساؤلات حول طبيعة أنجاز الجسور والسدود التي كانت تربط المنطقة بالداخل المغربي وتؤمنها من أمواج المياه المتدفقة بفعل الأمطار الغزيرة.
فلقد عاشت الجهة أسبوعا كارثيا غير مسبوق في تاريخها الحديث، عزلت بموجبها مدن وقرى عن العالم الخارجي من خلال قطع الطرق البرية وخدمات الهاتف والانترنيت، وهو ما اثر سلبا على اقتصاد الجهة عبر توقف نقل البضائع وتعذر التبادل التجاري المرتبط بشبكات التواصل الاجتماعي، والأدهى من ذلك اختفاء الصحافة الالكترونية والمواصلات التي تزود الناس بأخبار ذويهم في المناطق المعزولة.
ومع أنه لا يمكن تحميل مسؤولية السيول المنحدرة من الجبال للسلطات الإدارية ولا للمنتخبين المحليين، إلا أن التعامل معها بإيجابية في الوقت الحاضر والتأسيس للحد من تداعياتها السلبية في المستقبل يجب أن يكون حاضرا في أذهان الإدارة والمنتخبين، وذلك في ظل توقعات الخبراء بتغير جذري في حالة الطقس في المناطق المحاذية للبحار والمحيطات خلال العشرية المقبلة.
إن تغير المناخ بفعل ارتفاع درجة حرارة الأرض الناتجة عن تضاعف الانبعاثات الحرارية التي تطلقها المصانع، هو حديث الساعة اليوم في المغرب، نظرا للتحضير لعقد قمة المناخ “كوب22” الأسبوع المقبل في مدينة مراكش، وهو ما يعني إضافة وعي جديد لدى القائمين على الشأن العام في الصحراء بضرورة وضع الآليات الكفيلة بالتصدي لانعكاسات الظاهرة على مناطقهم، خاصة أننا نشهد غزارة الأمطار وتدفق السيول للمرة الثانية على التوالي بعد السيول التي عانت منها جهة كليميم وادنون العام الماضي.
ولعل من حسن حظ الساكنة أن حدثت الكارثة بالتزامن مع تطبيق قانون الجهوية الموسعة وتمكين الجهة، عبر ميزانيتها الخاصة، من تعزيز البنى التحتية، خاصة الجسور والسدود لتأمين الممتلكات وانسيابية النقل بين المدن في حال تكررت الكارثة.
وكما يقول المثل العربي: “رب ضارة نافعة”، فإن الأهالي يعولون على معاينة الإدارة والمنتخبين المحليين لحجم الكارثة في التأسيس لمستقبل تتحدى فيه البنى التحتية طوارئ الفيضانات، فيتم تناولها في الإعلام كخبر سار يحصد الإنسان منافعها بما تعود به من خير على الزراعة والمواشي، دون أن تكون مصدر تهديد لحياة البشر، كما هو حالها اليوم.