محمد سعيد أرباط:
تسببت مخاوف الجزائر من احتمالية توجه إحدى دول المغرب العربي، ومن أبرزها تونس، نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، على غرار السيناريو المغربي، في ارتكاب بعض المسؤولين الجزائريين لـ”أخطاء ديبلوماسية” في تصريحات أدلوا بها مؤخرا، أثارت جدلا في تونس.
وفي هذا السياق، أثار وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، جدلا في أوساط العديد من الأطراف التونسية، في اليوم الأخيرين، بعدما تحدث عن تقديم تونس لضمانات إلى الجزائر بعدم تطبيع العلاقات مع إسرائيل، مشيرا إلى الرسالة التي وجهها الرئيس التونسي قيس سعيد إلى نظيره الجزائري، وهي الرسالة التي كان قد حملها وزير الخارجية التونسي نبيل عمار خلال زيارة إلى الجزائر.
وقال عطاف بأن الرسالة التي حملها عمار تُفند كل ما يُتداول حول توجه تونس نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، مضيفا في نفس الصدد، نقلا عن وزير الخارجية التونسي، بأن تونس تُعد لقانون سيعتبر أن تطبيع العلاقات مع إسرائيل هو “خيانة عظمى”.
وأثارت هذه التصريحات غضب مسؤولين وديبلوماسيين تونسيين، الذين اعتبروا ما صرح به وزير الخارجية الجزائري، هو تدخل في الشؤون التونسية، خاصة أن المسؤولين التونسيين لم يكشفو عن فحوى الرسالة التي وجهها قيس سعيد إلى نظيره عبد المجيد تبون، كما لم يشيرو إلى القانون الذي تحدث عنه عطاف بنسبه إلى وزير الخارجية التونسي.
وأعادت تصريحات عطاف جدلا قديما جديدا في تونس، يتعلق بممارسة الجزائر “الوصاية” على تونس، حيث تتهم العديد من الأطراف السياسية قيس سعيد بالسماح للجزائر بالإعلان مواقف وتصريحات تمس بالشؤون التونسية، ويطالبون بعدم السماح لأي جهة بالتحكم في قرارات ومواقف البلاد.
وكان عبد القادر بن قرينة، رئيس حركة البناء الوطني المقرب من نظام تبون والمشارك في الحكومة الجزائرية، قد أثار في الأيام الماضية أيضا جدلا في تونس، عندما حذّر مما وصفه بـ”مخطط يستهدف إلى تمدد التطبيع في العمق الاستراتيجي للجزائر”، مشيرا إلى أن هذا المخطط يستهدف تونس وموريتانيا.
وكان بن قرينة قد قال في إحدى الندوات إن الزيارة التي قام بها وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية شخبوط بن نهيان إلى تونس قبل أسبوع، تتعلق بمحاولة استمالة تونس إلى التطبيع مقابل مساعدات واستثمارات، وأضاف في نفس الندوة إن لديه معلومات عن أن التطبيع في تونس، صار قريبا جدا.
كما أن ذات المسؤول الجزائري، كان قد صرح في نفس الندوة، عن قيام وزير الدفاع الموريتاني بزيارة إلى إسرائيل، وحذر ما وصفه بـ “أشقاءنا الموريتانيين من مخاطر الاستجابة لضغوط وابتزاز بعض الكيانات الوظيفية التي تحاول دفع المنطقة كلها نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني”، ويقصد بالكيانات الوظيفية، دولة الإمارات العربية المتحدة.
لكن هذا المسؤول الجزائري اضطر للتراجع عن تصريحاته، بإيعاز من النظام الذي يهدف إلى التملص من هذه الحملات، وفق تقرير لصحيفة “العرب” اللندنية، حيث “علُّق الشماعة في سوء الفهم والتأويل على ما أسماه بـ”أبواق المخزن” في تلميح إلى المغرب، التي عمدت إلى تشـويه وتأويل تصريحاته”، حسب تعبير بن قرينة.
وأشارت صحيفة “العرب” إلى أن تراجع بن قرينة عن تصريحاته حول تونس والجزائر، جاء بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية التونسي نبيل عمار إلى الجزائر، وهي الزيارة التي تأتي بعد شهور من البرود الديبلوماسي بين البلدين، منذ حادثة فرار أميرة بوراوي من الجزائر عبر الأراضي التونسية نحو فرنسا.
