um6p
وفد برلماني مغربي يتوجه إلى نواكشوط، للمشاركة في أول نسخة من المنتدى البرلماني الموريتاني

وفد برلماني مغربي يتوجه إلى نواكشوط، للمشاركة في أول نسخة من المنتدى البرلماني الموريتاني

شطاري خاصمنذ 12 ساعةآخر تحديث : السبت 3 مايو 2025 - 4:42 مساءً

شطاري-متابعة:

أكدت مصادر برلمانية ، أن وفدا مغربيا رفيع المستوى يستعد للتوجه خلال الأيام المقبلة إلى العاصمة الموريتانية نواكشوط، للمشاركة في أول نسخة من المنتدى البرلماني الموريتاني، الذي يُرتقب تنظيمه يومي 9 و10 ماي الجاري، بشراكة بين الجمعية الوطنية الموريتانية ومجلسي البرلمان المغربي.

وأكد المصدر البرلماني في تصريحه للجريدة، أن “مشاركة المغرب بهذا الحجم في المنتدى البرلماني الموريتاني ليست مجرد خطوة رمزية، بل هي تحرك استراتيجي يعكس إرادة ملكية واضحة لإعادة بناء العلاقات الإقليمية بمنطق برلماني تشاركي، يُراهن على القرب المؤسساتي والتفاعل السياسي المرن”.

وكشف المصدر أن “الوفد المغربي سيضم أكثر من 40 مشاركا من أعضاء مجلسي النواب والمستشارين، يمثلون مختلف الفرق البرلمانية والتيارات السياسية، إلى جانب ممثلين عن الأحزاب، ومسؤولين من قطاعات وزارية معنية بالتعاون جنوب–جنوب، وممثلين عن الاتحاد العام لمقاولات المغرب ومؤسسات مالية واستثمارية، بالإضافة إلى شخصيات إعلامية وفعاليات من المجتمع المدني”.

وأضاف المتحدث أن “هذه المشاركة تأتي في سياق خاص، إذ إنها أول مبادرة مؤسساتية بهذا الشكل تُوجَّه إلى موريتانيا، بعد الخطابين الملكيين بمناسبة عيد العرش وافتتاح السنة التشريعية، اللذين شددا على ضرورة تفعيل أدوار البرلمان المغربي خارج الحدود، وتحويله إلى أداة دبلوماسية نشيطة، خاصة في القارة الإفريقية في ظل الدينامية التي تشهدها الدبلوماسية المغربية”.

وأشار إلى أن “المنتدى سيشهد توقيع مذكرة تفاهم بين البرلمانين، تتضمن إنشاء لجنة تنسيق ومتابعة، وتنظيم زيارات برلمانية منتظمة، والتشاور حول المواقف المغربية والموريتانية داخل المنظمات البرلمانية القارية، مثل البرلمان الإفريقي واتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، فضلًا عن العمل على ملفات استراتيجية كالهجرة، الأمن، وتغير المناخ”.

وشدد المصدر على أن “المغرب يعتبر موريتانيا شريكا موثوقا ومفتاحيا في استقرار الساحل، وأن التحديات المشتركة لا يمكن مواجهتها إلا بآلية تنسيق مؤسساتي مرن وعابر للحدود السياسية التقليدية”، واختتم بالقول: “من خلال هذا المنتدى، نحن لا نكرّس فقط الشراكة المغربية–الموريتانية، بل نؤسس لثقافة برلمانية مغاربية جديدة، تتجاوز منطق الجمود الإيديولوجي، وتُراكم في اتجاه اندماج واقعي، يبدأ من العمل التشريعي والتعاون الميداني، وليس من مؤتمرات القمم المجمدة.”

والتحرك المغربي نحو نواكشوط بهذا الزخم، يندرج في إطار تنفيذ مباشر لتوجيهات الملك محمد السادس، الذي دعا في خطابه أمام البرلمان، خلال افتتاح الدورة التشريعية الأخيرة، إلى تعزيز أدوار الدبلوماسية البرلمانية، وجعلها رافعة موازية للسياسة الخارجية التقليدية، تقوم على الترافع والتواصل المباشر وبناء الجسور مع الفاعلين السياسيين في الدول الصديقة والشريكة.

وتُعد موريتانيا إحدى أولى الدول التي تلقّت هذا التوجه المغربي بشكل إيجابي، حيث شهدت السنوات الأخيرة تقاربا مؤسساتيًا لافتا، تُرجم عمليًا بتشكيل “مجموعة الصداقة البرلمانية الموريتانية–المغربية”، داخل الجمعية الوطنية الموريتانية، والتي تضم حاليًا 20 نائبا من مختلف التيارات السياسية، مما يمنحها طابعًا توافقيا وفعالية دبلوماسية نادرة في المشهد البرلماني الإقليمي.

ويمثل المنتدى البرلماني الأول من نوعه خطوة عملية نحو إرساء شراكة مغربية–موريتانية أكثر تنظيما، تتجاوز اللقاءات الظرفية، وتهدف إلى خلق قناة دائمة للتشاور المؤسساتي والتفكير المشترك في قضايا الجوار والتكامل المغاربي.

ويُرتقب أن يشكّل هذا المنتدى منصة عملية لإعادة ترميم الثقة المغاربية بمنهج واقعي ومرن، تعويضا عن سنوات من الجمود التي أصابت مؤسسات الاتحاد المغاربي، في وقت فشلت فيه محاولات ثلاثية جمعت الجزائر وتونس وليبيا في خلق تكتل بديل أقصي المغرب، وهي مبادرة لم تجد طريقها إلى الحياة بعد أن رفضت نواكشوط الانخراط فيها، ما جعلها تراوح مكانها دون أفق واضح حتى اليوم.

من جهة ثانية، فإن اختيار المغرب لموريتانيا كثالث بلد بعد فرنسا وإسبانيا لتأسيس شراكة برلمانية مؤسساتية، يحمل دلالات رمزية قوية، ويُعبّر عن رؤية استراتيجية ترى في نواكشوط بوابة استقرار إقليمي وصلة وصل بين شمال وغرب إفريقيا، خصوصا مع تزايد رهانات الأمن الغذائي، والهجرة، والانتقال الطاقي في المنطقة.

والمنتدى البرلماني المرتقب ليس سوى حلقة جديدة في سلسلة من التحركات الرفيعة التي طبعت العلاقات المغربية–الموريتانية خلال السنوات الأخيرة، والتي انتقلت من مرحلة الحذر الدبلوماسي إلى دينامية تعاون متسارعة ومتعددة الأبعاد، فقد شهدت العلاقات الثنائية منذ 2020 تطورات نوعية، بدأت بتكثيف الاتصالات الوزارية، وتوجت في مارس 2022 بزيارة رسمية للرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني إلى الرباط، حيث استقبله الملك محمد السادس في قصره، في أول لقاء مباشر بين قائدي البلدين منذ أكثر من عقد.

الزيارة، التي وُصفت حينها بـ”التاريخية”، لم تكن فقط بروتوكولية، بل أطلقت دينامية جديدة تمثلت في التوقيع على عدد من الاتفاقيات الاقتصادية والأمنية والثقافية، فضلا عن التوافق على آليات للتنسيق الدائم في ملفات الساحل والإرهاب والتنمية المشتركة، وقد تلاها زيارات وزارية متبادلة، شملت قطاعات النقل والفلاحة والتعليم العالي، عززت من نَسَق التنسيق العملي بين الجانبين.

وفي المجال الاقتصادي، كثف المغرب من حضوره في السوق الموريتانية، سواء عبر المبادلات التجارية التي شهدت ارتفاعا ملحوظا، أو من خلال فتح خطوط لوجستية مباشرة نحو نواكشوط، وهو ما ترافق مع إعلان الرباط استعدادها لمدّ شبكة الربط الطرقي من الداخلة نحو الأراضي الموريتانية، في إطار مشروع الربط الإفريقي الأطلسي، كما شهد معبر الكركرات الحدودي ـ الذي يُعد شريانا استراتيجيًا للتبادل ـ تطويرا ملحوظًا من الجانبين لتعزيز انسيابية التجارة وتأمين الحركة بين البلدين.

وكل المؤشرات اليوم تُجمع على أن العلاقات المغربية–الموريتانية تجاوزت منطق “التقارب الظرفي”، لتستقر في مسار شراكة إستراتيجية مبنية على الثقة والتوازن والمصالح المتبادلة، فالمغرب لا يخفي رهانه على نواكشوط كشريك سياسي واقتصادي مستقر في منطقة الساحل، بينما وجدت موريتانيا في الرباط حليفًا موثوقًا يُراعي حساسياتها السيادية ويُقدّر مكانتها الإقليمية، دون حسابات ضيقة.

وبينما تزداد تعقيدات المشهد المغاربي، وتضعف مؤسسات الاتحاد التقليدي، يبدو أن الرباط ونواكشوط قد اختارتا معا طريقا ثالثا، طريق التعاون الواقعي، بعيدا عن الاصطفافات العقيمة، وطموحا نحو بناء فضاء مغاربي مرن يبدأ من أرضية برلمانية ومجتمعية صلبة.

رابط مختصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

شطاري خاص