المستقبل الصحراوي:
توالت السنوات بما فيها و الأحداث بما تعنيه و لازالت السلطة الصحراوية تتعمد طمس الحقائق لتجميل وجهها الموسوم بتجاعيد الخطايا الكبرى مع استمرار الأخطاء الفادحة و الجسيمة التي لازالت ترتكب الى اليوم و في قضايا مصيرية ، مجلة المستقبل الصحراوي حصلت على وثيقة رسمية “حصرية” تقر بالفشل في إدارة أكبر الملفات و أكثرها أهمية و هو ملف المفاوضات مع العدو، و كيف أن أخطاء قاتلة تم ارتكابها أدت بنا الى ما نحن عليه اليوم من وهن و تخبط ضالون الطريق و بدون بوصلة و سط وضعية سياسية و إجتماعية و حتى دبلوماسية لا نحسد عليها.
الوثيقة المذكورة وزعت بشكل حصرى على اعضاء مكتب الامانة الوطنية و بعض القادة لشرح أسباب الفشل و عدم الصمود بل و العجز امام الضغوط إبان معركة مجلس الامن الاخيرة و حول تواجد وحدات الجيش بمنطقة الگرگارات، بحيث ان الوثيقة التي أعدت بعناية دقيقة في فقرتها الاولى تقر و بصراحة متناهية بالفشل في تقدير المواقف و عمى كان يصيب مفاوضينا إبان المفاوضات على وقف إطلاق النار و التي تم العمل بها منذ يوم 06 سبتمبر 1991 حيث ان ما أسمته الوثيقة “أخطاء” تم ارتكابها خلال عملية التفاوض التقنية حول اتفاق وقف إطلاق النار و الاتفاقيات العسكرية المحددة “للمنطقة العازلة” لاحقا ، و تضيف الوثيقة التي عنونت ب : “قرار مجلس الأمن 2351 المكاسب و الدروس” ان المفاوضين الصحراوين غاب عنهم وقت ذاك إعطاء الأهمية المطلوبة و المستحقة للمساحة الشاسعة (حوالي 60 كلم) التي تفصل منطقة الگرگارات عن لگويرة على الحدود الجنوبية مع موريتانيا، و حسب ما جاء في الوثيقة دائماً فانه كان ينبغي على الطرف الصحراوي الإلحاح على المطالبة بإقامة نقطة مراقبة تابعة للمنيورسو في المنطقة، بل و كان يجب أخذ بعين الاعتبار الامر بالأهمية اللازمة و لاعتبارات الحساسية بالنسبة لما أسمته الوثيقة الامن القومي الموريتاني.
و لم تتوقف الأخطاء عند هذا الحد بل ذهبت بالامر الى ابعد من ذلك بحيث انه و بعد اكثر من 6 سنوات و خلال التفاوض على الاتفاقيات التكميلية لاتفاق وقف إطلاق النار الخاصة بتحديد “المنطقة العازلة” خارج جدار الذل و العار المغربي و التي تم التوقيع عليها يوم 24 ديسمبر 1997 ارتكب أيضاً من جديد خطأ آخر لايقل جسامة عن الاخطاء السابقة، و هو عدم تنبه المفاوضون الصحراويين الى ان مسافة 05 كلم المتفق عليها مع العدو ما جعل تواجدات وحدات الجيش الصحراوي في بعض المناطق خارج عن حدود التراب الوطني بمسافة من 1 الى 2 كلم بسبب قرب جدار الذل و العار من الحدود الغربية و الجنوبية مع البلد المجاور و هو موريتانيا مثل مناطق قطاع “امكالا” و حتى “الگرگارات” نفسها.
هذه الأخطاء التي تم التكتم عليها في أدراج مكاتب مفاوضينا في الرابوني هي التي خلقت ما أسمته الوثيقة “.. إشكالية عملية حول المواءمة بين مطلب إحترام بنود الإتفاقية ، و الضرورة الحيوية لضمان أنتشار فعلى لوحداتها المقاتلة على طول الجدار..” اي بمعنى أنه لو مَنَعَت موريتانيا مستقبلا (لا قدر الله) على وحداتنا العسكرية العبور عبر ترابها فإن النواحي الجنوبية ستكون محاصرة داخل دائرة مغلقة يمنعها الاتفاق المذكور (وقف إطلاق النار و المنطقة العازلة) من المرور شمالاً بمحاذاة الجدار للتواصل مع باقي النواحي الشمالية بسبب الزاميتنا باحترام إتفاقية عدم ولوج المنطقة العازلة ، و هذا ما يعتبر خطأ استراتيجيا كان يكمن تجنبه.
الوثيقة تبين بل و تؤكد ما ذهبت إِليه بعض التحليلات من ان أستعمال إعادة مصطلح إعادة الإنتشار جاء للتغطية على الهزيمة و الخروج المذل من الگرارات ، و ذكرت الوثيقة بأن تجنب كلمة “إنسحاب” جاء لدواعي تتعلق “بالخطاب و التكتيك العسكري” فقط ، و ان القرار جاء إرضاءا للحلفاء الذين قالت الوثيقة بأنهم يرون ان الاستمرار في التمسك بالورقة (الصمود في الگرگارات) أصبح يعطي نتائج عكسية و أنه يتجه تدريجياً الى ان يكون اقرب الى ” الانتحار السياسي” أكثر من اي شي آخر…”، هذا الموقف الذي اتخذته قيادتنا الرشيدة يذكر بالاتفاق الغامض الذي أدى الى فك حصار الزاك بداية سنة 1980 إبان سنوات الحرب و هو الذي أٌعتبر وقتها إرضاء لرغبة الحلفاء !!و أدركنا بعدها انه كان من أمر الأخطاء فما أشبه الأمس باليوم.