وخلال هذا اللقاء، نوه والي جهة العيون الساقية الحمراء بموقف جمهورية غانا الداعم للوحدة الترابية للمملكة المغربية، معتبرا أن هذا الموقف ينسجم مع روح التضامن الإفريقي ويعكس متانة العلاقات التاريخية التي تجمع الرباط وأكرا.

وأكد المسؤول الأول بالجهة أن العلاقات الثنائية بين البلدين تشهد دينامية متجددة على مختلف المستويات، لا سيما في شقها البرلماني، مبرزا أهمية تكثيف الزيارات المتبادلة بين الفاعلين المؤسساتيين لتعزيز التقارب السياسي وتوسيع آفاق التعاون الاقتصادي والثقافي.
وفي السياق ذاته، استعرض بكرات الرؤية الاستراتيجية للملك محمد السادس فيما يتعلق بتعزيز التعاون جنوب-جنوب، خاصة من خلال المبادرات الملكية الرائدة؛ مثل مشروع أنبوب الغاز نيجيريا–المغرب، ومبادرة الدول الإفريقية الأطلسية، إلى جانب مبادرة تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي، معتبرا أن “هذه المشاريع تتجاوز البعد الوطني لتجسد التزاما ملكيا راسخا بتحقيق تنمية شاملة ومستدامة في القارة”.

وفي معرض حديثه عن جهة العيون الساقية الحمراء، قدّم بكرات لمحة شاملة عن المؤهلات التنموية التي تزخر بها الجهة، سواء على مستوى البنيات التحتية أو المشاريع الكبرى التي جعلت منها نموذجا متقدما في تدبير المجالات الترابية، مسلطا الضوء على الانفتاح المتزايد الذي تعرفه الجهة في قطاعات حيوية؛ مثل الطاقات المتجددة والاقتصاد الأزرق والسياحة الإيكولوجية.
كما عبر عبد السلام بكرات عن استعداد السلطات الترابية لدعم كل المبادرات الرامية إلى تعزيز الشراكة مع جمهورية غانا، خاصة في الشق المتعلق بتبادل الخبرات في مجالات التكوين المهني وريادة الأعمال وتنمية القدرات الشبابية، مؤكدا أن “المملكة المغربية، بقيادة جلالة الملك، تضع الإنسان في صلب سياستها التنموية؛ ما يجعل من التجربة المغربية مثالا ملهما لباقي دول القارة”.

وشدد والي العيون، في ختام محادثاته، على أن انفتاح جهة العيون على الشراكات الإفريقية يعكس التوجه الاستراتيجي للمملكة نحو توطيد الروابط جنوب–جنوب، داعيا في هذا الصدد إلى مواصلة توسيع مجالات التعاون العملي مع جمهورية غانا، في أفق بناء علاقات تكاملية تعود بالنفع على الشعبين الشقيقين.
من جانبه، أكد ألفريد أوكوي فاندربويجي، رئيس لجنة الشؤون الخارجية ببرلمان جمهورية غانا، أن الوفد البرلماني الذي يترأسه يضم ممثلين عن لجان الشؤون الخارجية والدفاع والداخلية، مشيرا إلى أن “هذه الزيارة الرسمية للمملكة المغربية، والتي امتدت لثلاثة أيام، شكلت فرصة سانحة لعقد لقاءات رفيعة مع عدد من المسؤولين المغاربية؛ وعلى رأسهم ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج”.

وأضاف فاندربويجي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، عقب لقائه بوالي جهة العيون الساقية الحمراء، أن الوفد الغاني جاء إلى مدينة العيون كسابقة تاريخية للاطلاع عن كثب على الدينامية التنموية التي تشهدها هذه الربوع، مبرزا أن “ما وقفت عليه اللجنة البرلمانية يعكس حجم التقدم الذي أحرزته المملكة المغربية، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، في مجالات تنموية استراتيجية تضع الإنسان في صلب أولوياتها”.
وأكد المسؤول البرلماني الغاني أن ما يتم إنجازه في مدينة العيون من مشاريع مهيكلة وبرامج موجهة لفائدة الشباب والأجيال الصاعدة هو أمر ملهم، معتبرا أن التجربة المغربية تشكل نموذجا ناجحا ليس فقط للمملكة، وإنما أيضا لكافة دول القارة الإفريقية، قائلا: “لقد ألهمنا كثيرا ما شاهدناه هنا، وما تقومون به من أجل الشباب يُعد فعلا مبهرا ويستحق التنويه”.

وأردف فاندربويجي أن بلاده تتطلع إلى تطوير علاقات التعاون مع المغرب في بعدها العملي؛ من خلال تشجيع رجال الأعمال المغاربة على الاستثمار في غانا، وتمكين الشباب الغاني من زيارة المملكة، خصوصا جهة العيون الساقية الحمراء، للاستفادة من خبرات المغرب في مجالات التكوين، وتطوير المهارات وتعزيز ريادة الأعمال، وزاد: “نريد لشبابنا أن يتعلموا مباشرة من التجربة المغربية في مجالات التنمية البشرية”.
وأكمل رئيس الوفد تصريحه بالتأكيد على أهمية التعاون في المجال الرياضي كذلك، من خلال تبادل الخبرات في مجال البنيات التحتية، وتأطير الكفاءات الشابة، مؤكدا أن الوفد الغاني أعجب بشدة بمستوى الابتكار والإبداع الذي لمسه في المشاريع التنموية، والتي تستجيب لحاجيات المواطنين، وتترجم رؤية تنموية شاملة تستحق الإشادة والدعم.

وعقب اللقاء، توجه الوفد البرلماني الغاني، الذي يضم في تشكيلته كلا من نورغبي إرنست هنري، نائب رئيس لجنة الدفاع والداخلية، وكليتوس سيدو دابيلاه، نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية والاندماج الإقليمي، وبيتر لانشيني تووبو، نائب رئيس لجنة الدفاع والداخلية، وآسييدو إيدا أجوا، عضو لجنة الدفاع والداخلية، وعائشة سليفو، المساعدة الرئيسية لكاتب البرلمان الغاني، ونانا أسافو-أجي آيي، عضو لجنة الشؤون الخارجية والاندماج الإقليمي، وفريد فريمبونغ، رئيس لجنة الحسابات العامة، إلى مقر مجلس جهة العيون الساقية الحمراء، حيث كان في استقبالهم نائب رئيس المجلس، بلاهي باد، إلى جانب أعضاء وأطر إدارية بالمجلس.
وفي هذا الصدد، قدم بلاهي باد عرضا مفصلا حول المؤهلات الاقتصادية التي تزخر بها جهة العيون الساقية الحمراء، مشيرا إلى أن “النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية مكن من بناء بنية تحتية متقدمة وتهيئة مناخ أعمال محفّز للاستثمار، خاصة في مجالات الطاقات المتجددة، الصناعة، والخدمات اللوجستيكية”.

كما شدد باد على التزام مجلس الجهة بتشجيع الاستثمارات المهيكلة وتطوير منظومات الإنتاج المحلية، مع التركيز على إدماج الشباب والنهوض بالرأسمال البشري، مبرزا أهمية التعاون مع الفاعلين الدوليين لتسريع وتيرة التنمية وتعزيز الابتكار، معبرا في هذا الإطار عن استعداد المجلس لاستكشاف شراكات جديدة مع الجانب الغاني، بما يخدم التنمية المشتركة ويعزز العلاقات جنوب–جنوب في بعدها الإفريقي.
على صعيد آخر، قام الوفد البرلماني الغاني بزيارة ميدانية شملت مجموعة من الأوراش التنموية البارزة بمدينة العيون، حيث وقف على حجم الاستثمارات والجهود المبذولة لتحقيق تنمية شاملة ومندمجة على مستوى الجهة. وتضمنت الزيارة جولة في القرية الرياضية التي تضم ملاعب للقرب مخصصة لكرة القدم، إضافة إلى المكتبة الوسائطية محمد السادس وعدد من القاعات الرياضية المغطاة.