um6p
عبد الرحمان المنسي يكتب: متى يعي بنكيران أن المغرب أولا ودائما قبل البيجيدي

عبد الرحمان المنسي يكتب: متى يعي بنكيران أن المغرب أولا ودائما قبل البيجيدي

شطاري "خاص"12 يناير 2017آخر تحديث : الخميس 12 يناير 2017 - 9:34 مساءً

عبد الرحمان المنسي:

خريطة 7 أكتوبر بتفاصيل أهمها تعطيل ربع النواب البرلمانيين المنتمين للأصالة و المعاصرة و الذين اختارت قيادتهم المعارضة الآلية للحكومة المنتظرة و بقاء تشكيلة من الأحزاب المتواضعة التمثيلية النيابية ، كان من المفروض أن يكون عاملا مسرعا لتشكيل الحكومة خصوصا و أن الملك تحمل مسؤوليته و في أقل من 48 ساعة من إعلان النتائج، جدد ثقته في عبد الإله بن كيران و كلفه بتشكيل حكومة ما بعد 7 أكتوبر، لكن الذي حدث هو العكس، لقد مرت ثلاثة أشهر و حكومة ما بعد 7 أكتوبر لازالت في علم الغيب.

 
معطيات ما بعد 7 أكتوبر تفيد أن العدالة و التنمية حصل على 125 مقعدا و يلزمه عدد إضافي من المقاعد لإستكمال بناء أغلبية برلمانية كان من السهل تشكيلها، فماذا حدث؟

 
فهل غير بن كيران يتحمل المسؤولية في هذا البلوكاج؟ كثيرون يجتهدون و منهم بن كيران في تحميل المسؤولية للتحكم، التحكم الذي كان مجهولا قبل أن تتم شخصنته في إلياس العماري و تعويضه منذ المؤتمر الإستثنائي للتجمع بعزيز أخنوش. فأين أخطأ بن كيران، و لماذا يتحمل بالدرجة الأولى مسؤولية البلوكاج الحالي؟

 
الخطأ الأول الذي ارتكبه بن كيران هو طريقة قراءة النتائج، حصول العدالة و التنمية على المرتبة الأولى عمرها الإفتراضي لم يتعدى 48 ساعة، فبمجرد تكليف بن كيران من طرف الملك تشكيل الحكومة ينتهي العمر الإفتراضي لإمتياز المرتبة الأولى لأنها دستوريا و سياسيا تنتهي مع التكليف لتبدأ القراءة الثانية للنتائج، كم يلزم بن كيران من مقعد لبناء أغلبية برلمانية و أين يجدها؟

 
بن كيران كان في حاجة إلى 73 مقعدا في البرلمان، بمعنى أن حزب العدالة و التنمية حصل على 125 مقعدا، لكن غيره حصل على 270 مقعد، فحتى لو كانوا ضعافا و مشتتين فهم كأشخاص نواب للأمة، لهم نفس المشروعية الشعبية و لهم نفس الإنتداب الشعبي بمجرد إعلان النتائج لبرلمانيي العدالة و التنمية.

 
الخطأ الثاني أن القراءة المغلوطة للنتائج استمرت حتى بعد 9 أكتوبر و استمر معها منطق الشعب لم يصوت إلا للعدالة و التنمية و لم يصوت لغيره، القراءة المغلوطة جرت معها اجترار منطق المواجهة المفتوحة الذي خاض به الحزب الحملة الإنتخابية من خلال استهداف المخالفين للحزب حتى و لو كانوا حلفاء محتملين.

 
فلم يكن مفهوما أن يهاجم قادة الحزب و امتداداتهم في الشبكة العنكبوتية و المواقع الإعلامية قادة الأحزاب الأخرى من غير الغريم التقليدي البام الذي يمثل نوابه ربع البرلمان.

 
حملة التقريع و طريقة بن كيران في اختيار مكونات الأغلبية البرلمانية ولدت احساسا بالدونية لدى مختلف الأحزاب السياسية، فمنذ البداية اختار بن كيران التقدم و الإشتراكية لكنه ظل في حاجة إلى 61 مقعدا إضافيا لإستكمال الأغلبية البسيطة، و عوض أن يباشر مفاوضات بمنطق الجولات اختار منطق “الصيد فرادي في الغابة اللي طاح الأول نحيدو من الحساب”. و هكذا حصل على دعم حزب الإستقلال (46 مقعد) في إطار “هانا صيدني أنا الأول”.

 
إن الخطأ القاتل الذي ارتكبه بن كيران عندما وضع حليفين من الأغلبية السابقة في وضع “واحد فيكم” أنا خاصني غير 14 مقعد من يسقط الأول، هذا الخطأ إذا لم يكن مقصودا أبان أن بن كيران ربما يفهم الناخبين المغاربة لكن لا يفهم عقلية الطبقة السياسية المغربية، فلا يوجد قائد سياسي واحد يقبل أن يلعب لعبة “لاروليت الروسية” حتى يستفرد بهم بن كيران سياسيا “يحيي من يريد” و “يميت من يريد”، لذا كان منطقيا أن “يتعزز” الإتحاد الإشتراكي الذي أراد أن يبيع يافطته التاريخية بثمن غال و ربما غير منطقي (رئاسة مجلس النواب)، لكنه عندما تيقن أنه غير ظافر بما يريد تحصن مع ذوي الأعمار المحدودة ليضمنوا عمرهم الإفتراضي بشكل جماعي.

 
لقد انتظر المغاربة شهرين و نصف لكي يغير بن كيران منطق بناء الأغلبية و العودة إلى الأغلبية السابقة بعد طلاقه مع شباط حزب الإستقلال بعد واقعة “نهر السينغال”، فلماذا لم يختر بن كيران منذ البداية الأغلبية السابقة التي خاضت معه تجربة خمس سنوات و كان لوزرائها نصيب من “مجد” بن كيران في تدبير الملفات الكبرى و الإستراتيجية.

 
فلتسيير حكومة لا يكفي منطق “الخوشيبات” لضمان التصويت في البرلمان، بل أطر و كفاءات قادرة على تحويل الشعارات و البرامج إلى قرارات قابلة للتطبيق محسومة و مضمونة النجاح.

 
بن كيران يريد الكفاءات و لكنه يريدها ذليلة موظفة عند الحزب الأول و ليس ممثلة للإنتداب الشعبي، لقد كان ضحية “المنطق الإفتراسي” الذي أعطته القراءات الناقصة لنتائج 7 أكتوبر، عندما لا تمتلك أغلبية تبحث عن التوافق و منطق التوافق يعني التراضي لأنك لا تملك الأغلبية حتى و لو كنت الحزب الأول الذي فقط له حق التكلف برئاسة الحكومة.

 
فهل كان بن كيران يريد البلوكاج و يخطط له بشكل مبيت أم أن البلوكاج يعني انعدام الكياسة السياسية و حس رجل الدولة لدى بن كيران، أكيد أن في الأمر جزء غير يسير من الإثنين.

 
بعض المطلعين على تجربة الإسلام السياسي يرون أن بن كيران حتى لو كان الأكثر نضجا من بين قادة العدالة و التنمية و أكثرهم كياسة، فإن إشراكه للقيادة و الضغط الإعلامي الذي مارسه محيطه في الترويج للجانب الهيمني المتعجرف في تدبير ملف المفاوضات جعل بن كيران يسقط في نفس أخطاء إخوان مصر من خلال خلق بلوكاج، و جر حزب الإستقلال فقط لتركيع مكونات الأغلبية السابقة و تمطيط البلوكاج حتى تعطى مشروعية لتعديل القانون الإنتخابي من أجل مراجعة سقف العتبة لإقصاء كل الأحزاب ذات التمثيلية الصغيرة و إعادة توزيع أصواتها على الأحزاب الكبرى حتى يتاح للحزب الأول الحصول على الأغلبية زائد واحد بمجرد تجاوز نسبة 30% من الأصوات استلهاما للتجربة التركية التي مكنت العدالة و التنمية التركي من الإستمرار في الحكومة رغم عدم حصوله على أغلبية الأصوات و اعتماده على نظام تقني انتخابي يشرعن للهيمنة، هيمنة الأحزاب الكبرى مع اقصاء أصوات أكثر من 25% من الناخبين لإعادة احتسابها “بالقانون” لفائدة الحزب الأول.

 
تحكم منطق من هذا النوع من أجل افتعال بلوكاج وهمي حتى تعطى مشروعية لمراجعة النظام الإنتخابي يعتبر بجميع المقاييس جريمة و عبث سياسي، لأنه بالعكس يولد رد فعلي عكسي لأن المغرب ليس تركيا و من المنطقي أن يكون غموض الدستور حول نقطة عدم قدرة رئيس الحكومة المعين على بناء أغلبية بالعكس مبررا لمراجعة هذا الفصل الدستوري، لأنه لا يمكن لأصحاب 125 مقعد التحكم في إرادة 270 مقعد أو الهيمنة عليها، وحدها الأغلبيات تسود و تحكم.

 
في كل هذا بن كيران هو المكلف و منطق “انتهى الكلام” يعنيه كما يعني غيره، لم يتحرر بعد 9 أكتوبر من جبة زعيم حزب التي أدار بها المفاوضات و هو يلبس “الفوقية و الصندالة” التي تعني البساطة في اللباس و التواضع و تحمل صورة إيجابية عن رجل سياسة من طينة أخرى لو نجحت، و مادام أنها لم تنجح فهي تعني غياب الكياسة في التعاطي مع الشأن العام بمنطق رجل دولة تعطي انطباع عن رجل يتفاوض بلباس النوم و لا يملك إلا سلاطة لسانه التي نفعته في الحملة الإنتخابية، لكنها أعاقته في المفاوضات لأنه لم يستطع أن يرمم جسور الثقة مع الذين خاض معهم معركة البناء و يتصور أنهم سوف يجهضون أحلامه في الخلود على رأس الحكومة بعد 2021.

 
لقد اختلطت حسابات 2021 مع حسابات 2016، و قاد الحزب المفاوضات بميزان قوى افتراضي يملك فيه الغريم كلمته رغم ضعف حصيصه، لأن أهل بن كيران كشفوا المستور من المخططات الآتية قبل موعدها الذي يبعد بخمس سنوات الآن و قد انتهى الكلام، فهل ينتظر بن كيران التحكيم الملكي. منذ الأسابيع الأولى للمشاورات و طريقة تدبيرها حزبيا و شخصيا من طرف بن كيران، كانت كل المؤشرات تفيذ أنها غادية للطريق المسدود و مع ذلك لم يتدخل رئيس الدولة إلا في إطار شكلي حول ضرورة تسريع تشكيل الحكومة من خلال إيفاذ مستشاريه للقاء بن كيران.

 
لكن إلى متى سوف يستمر البلوكاج بعد بلاغ 7 يناير، فهل يتدخل الملك لوضع حد لعبتية المشاورات التي هجرت المكاتب لتستمر عبر البيانات و البيانات المضادة في إطار ملهاة الإستعراض أمام الرأي العام، و هل ينقذ الملك بن كيران كما أنقذه بعد خروج شباط في 2013 أم أن بن كيران يستحلي “البركة في الدار بحال الثرية” و لعبة البيانات و المظلومية المفترى عليها باسم الحسابات السياسوية الضيقة.

 
فمن الأولى الحزب أم المغرب، هل المغرب قبل الحزب أم العكس، أظن أن المغرب أهم و أبقى من البيجيدي فأين حسابات المغرب و إلى متى سيبقى العبث و من يضع دستوريا حدا للعبث.

رابط مختصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

شطاري "خاص"