محمد سالم العربي:
ما إن يبدأ العد التنازلي لعام ميلادي جديد حتى يلجأ طرفا النزاع حول الصحراء في جمع أوراق الضغط على الأمانة العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي باعتبارهما المخولان بالنظر في الملف كوسيط أممي متفق عليه.
ويبلغ الضغط ذروته كلما اقترب موعد اجتماع مجلس الأمن نهاية شهر إبريل من كل سنة لإصدار قرار جديد يتعلق بمهمة بعثة “المينورسو” في الصحراء، وعادة ما يتعلق الأمر بالتمديد سنة واحدة.
جبهة البوليساريو، المطالبة بـاستقلالية الأقاليم الصحراوية عن المغرب، أحيت هذه المرة تهديدها بالعودة إلى حمل السلاح، فأضفت على التهديد الجديد طابع الجدية من خلال تنظيم مناورتين عسكريتين في أقل من شهر، إحداهما بالذخيرة الحية في منطقة بئر لحلو في الـ 28 مارس الماضي، أي قبل شهر واحد من اجتماع مجلس الأمن الخاص بالصحراء، والأخرى لما يسمى بجيش الاحتياط الشعبي المكون من المدنيين، وهو ما اعتبره المراقبون تصعيدا جديدا بعد أن ظلت تستبق شهر أبريل من كل سنة بتنظيم مناورة واحدة.
المراقبون يصنفون اندلاع حرب جديدة في الصحراء في خانة الخطر على المنطقة برمتها، ففي الظروف الإقليمية والدولية الراهنة لن تبقى مواجهات الحرب محصورة في المربع الذي دارت فيه الحرب السابقة، بل إن ألسنة لهبها ستلتهم دول المنطقة برمتها، وربما أصابت شظاياها العديد من دول الإتحاد الأوروبي، باعتبار أن منطقة التقاء المتوسط والأطلسي لا زالت النقطة الوحيدة للاستقرار، رغم ما تحمله من أسباب التوتر والانفجار.
فبالإتجاه شرقا بمحاذاة الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، يبدأ الاحتقان السياسي والتحديات الأمنية في الجزائر، والتي وصل عمرها الآن إلى 17 سنة دون أفق للحل، ثم تأتي تونس وليبيا والسودان ومصر، وصولا إلى لبنان وسوريا، وهي كلها مناطق توتر إما منفجرة وإما على حافة الانفجار.
أما جنوبا، وبالتحديد في منطقة الساحل والصحراء فنجد “تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”، الذي يتخذ من الشمال المالي مقرا له ومنطلقا لعملياته التي تستهدف دول المنطقة ومصالح الغرب، وكذلك “بوكو حرام” في نيجيريا، فضلا عن المظالم الاجتماعية والاحتقان السياسي في غالبية تلك الدول.
وتبقى منطقة الصحراء، التي تعيش وضع اللا حرب واللا سلم، أكثر المناطق استقرارا في الشمال الإفريقي وفي منطقة جنوب المتوسط. وبعودة الحرب إليها فإن شرارتها ستكون كافية لإشعال المنطقة وجوارها، فضلا عما ستوفره الحرب من مزايا لعصابات الإرهاب والتهريب.