شطاري-متابعة:
مرّ ما يقرب من 4 أشهر على تولي إسبانيا لرئاسة الاتحاد الأوروبي، إلا أنها لم تدفع بأي مبادرة أو تقم بتحرك أوروبي بهدف احتواء الاحتقان الجزائري الناتج عن دعم مدريد للمغرب في قضية الصحراء، وفق ما كانت تتوقع العديد من التقارير الإعلامية الإسبانية التي أشارت سابقا أن مدريد ستعمل على استغلال رئاستها للاتحاد الأوروبي لإيجاد حل للأزمة مع الجزائر.
وكان وزير الخارجية الإسباني المؤقت، خوسي مانويل ألباريس، قد صرح لوسائل الإعلام الإسبانية في الشهور الماضية، أن مدريد ستعمل من موقع رئاستها للاتحاد الأوروبي، للدفع بعلاقات جيدة مع بلدان المغرب العربي، إلا أن ذلك لم يحدث إلى حدود الساعة، وينصب تركيز مدريد حاليا على تطوير علاقاتها مع الرباط بشكل أكبر.
ويُرجع العديد من المتتبعين أن من بين أسباب عدم اتخاذ إسبانيا لأي مبادرة من داخل الاتحاد الأوروبي لإيجاد حل للأزمة مع الجزائر، إلى الوضع السياسي “المؤقت” في إسبانيا، حيث لم يتم تشكيل حكومة جديدة بعد انتخابات 23 يوليوز الماضي، بسبب عدم تحقيق أي حزب للأغلبية، وبالتالي فإن حكومة سانشيز تُعتبر حاليا حكومة مؤقتة لا يُعرف مصيرها في الشهور المقبلة،
غير أن العديد من التحليلات السياسية الأخرى، تشير إلى عدم وجود أي رغبة لدى حكومة سانشيز في إصلاح العلاقات مع الجزائر، بسبب تعنت الأخيرة وتشبثها بشروط يصعب على مدريد تحقيقها، ومن أبرزها مطالبة الجزائر إسبانيا بالتراجع عن الموقف الداعم للمغرب في قضية الصحراء، وهو شرط ترى مدريد أن تنفيذه لا يحل الأزمة بقدر ما ينقلها من الجزائر إلى المغرب، والأزمة مع المغرب هي أكثر كلفة من الجزائر.
وفي ظل هذا الوضع المعقد، اتجهت إسبانيا نحو تعزيز علاقاتها مع المغرب، حيث أكد وزير الخارجية الإسباني المؤقت، خوسي مانويل ألباريس، في اليومين الماضيين على هامش أشغال الدورة 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة، أن خارطة الطريق الجديدة بين المغرب وإسبانيا يتم تنفيذها كما تم الاتفاق عليها بين البلدين.
وكانت خارطة الطريق بين المغرب وإسبانيا قد جاءت بعد إعلان مدريد دعمها لمبادرة الحكم الذاتي لحل نزاع الصحراء تحت السيادة المغربية، حيث تم عقد اجتماع رفيع المستوى بين حكومتي البلدين في فبراير الماضي في العاصمة الرباط، وقد تم الاتفاق على تعزيز العلاقات وبدء صفحة جديدة تحت مسمى “خارطة الطريق الجديدة”، تتأسس على التعاون والتنسيق الثنائي وفتح باب الاستثمار بين الطرفين، وغيرها من الاتفاقيات الثنائية الهادفة لتقوية الروابط الثنائية بين البلدين الجارين.
وكانت الجزائر من جهتها، قد أعلنت في قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسبانيا بعد إعلان الأخيرة دعمها للمغرب في قضية الصحراء في مارس 2022، كما أمارت بتعليق العديد من المبادلات التجارية، وتم الابقاء على الاتفاق المتعلق بتصدير الغاز الجزائري إلى إسبانيا بالنظر إلى وجود اتفاق مسبق.
وتشترط الجزائر لإعادة العلاقات إلى سابق عهدها مع إسبانيا، بتراجع الأخيرة عن موقفها الداعم للمغرب في قضية الصحراء، وإعلان حيادها في تلك القضية، وهو الشرط الذي ترى مدريد صعوبة تحقيقه خشية وقوع أزمة جديدة مع المغرب أكثر تعقيدا وتأثيرا.