شطاري-متابعة:
صادقت الجمعية العمومية للاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) التي عقدت بالعاصمة التايلاندية بانكوك، اليوم الجمعة، على مجموعة من التعديلات المقترحة من قبل مجلس الاتحاد الدولي للتشريعات (ايفاب) IFAB.
ومن بين أهم هذه التعديلات التي تمت المصادقة عليها، ما يخص انتقالات اللاعبين، حيث أقرت بعدم المصادقة على انتقال أي لاعب من أي بلد ليس عضوا في الأمم المتحدة، وذلك بتصويت الأغلبية على هذا التعديل بـ 202 صوتا مقابل معارضة 4 أصوات.
وكانت الجمعية العمومية الـ 43 للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم “كاف”، التي انعقدت في الرباط، شهر مارس من سنة 2021، قد صادقت، بالإجماع، على إلزامية الدول الراغبة في العضوية ضمن الجهاز القاري بالانخراط ضمن منظمة الأمم المتحدة. وصوتت الجمعية العمومية لـ”الكاف”، حينها، بنسبة 100 بالمئة من الحاضرين، على تعديل القانون المتعلق بعضوية الجهاز الكروي القاري، ضمن التعديلات المقترحة في النظام الأساسي.
يأتي ذلك، في الوقت الذي كانت العديد من السيناريوهات السياسية تطبخ، خصوصا من طرف جنوب إفريقيا والجزائر، لضم جبهة “البوليساريو” كعضو في الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، على أساس عضويتها في الاتحاد الإفريقي، المنظمة السياسية التي تجمع الأفارقة.
وحسب المعطيات التي سبق أن أشار إليها موقع “الصحيفة” في تقرير مطول، فإن الجزائر وجنوب إفريقيا كانا قد بدأ العمل على هذا السيناريو منذ 2016، قبل أن يدخل المغرب بقوة في دواليب الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، عبر رئيس الجامعة فوزي لقجع الذي ثبت نفوذه داخل الـ CAF بشكل كبير ، وعزز حضوره كرقم صعب داخل قرارات أهم منظمة إفريقية رياضية، وهو ما جعل كل احتمالات خلط السياسي بالرياضي من طرف جنوب إفريقي والجزائر مدعومين ببعض دول شرق القارة “أمرا مستحيلا”.
وكانت الجزائر وجنوب إفريقيا مدعومة ببعض الدول الناطقة بالإنجليزية جنوب القارة، قد سَخّرت الكثير من الموارد المالية والديبلوماسية لإدخال جبهة “البوليساريو” الانفصالية للكونفدر الية الإفريقية لكرة القدم، حيث عملت على حشد الدعم لهذا القرار الذي كان “مزعجا” للمغرب، وهو ما جعل انتخابات رئيس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم سنة 2021 “حربا حقيقة” تدار ديبلوماسيا بين المغرب والجزائر وجنوب إفريقيا، وخلطت العديد من الأوراق، وجعلت فوز الجنوب إفريقي، باتريس موتسيبي، برئاسة الـ CAF أمرا “شبه مستحيل” إن لم يحصل المغرب على ضمانات بعدم إدخال حركة انفصالية كعضو في الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم.
مع كل هذه السيناريوهات “الصعبة” رمت جنوب إفريقيا المنشفة، وخرج، حينها، داني جوردان، رئيس إتحاد جنوب أفريقيا لكرة القدم، في تصريح لموقع “أنفو ميديا” يؤكد من خلاله بأن “فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، هو قائد داهية يستحق عضوية الفيفا”، قبل أن يعود ليؤكد في تصريح آخر أنّ فوز الجنوب إفريقي باتريس موتسيبي “لن يضر مصالح المغرب”.
في ذاك الوقت، بدأت السيناريوهات السياسية هي الحاضرة في دعم المرشحين في الكواليس، بعد أن تدخلت الـ FIFA في شخص جيانو إنفانتينو على الخط. هذا الأخير، وفور وصوله إلى المغرب بداية شهر مارس سنة 2021، توجه مباشرة إلى مقر وزارة الخارجية المغربية في الرباط للقاء ناصر بوريطة، حيث تم وضع جميع الخطوط الحمراء في هذا الباب، والاتفاق على الممكن والغير ممكن إن أرادت جنوب إفريقيا أن تدعم المملكة المغربية مرشحها للفوز برئاسة الـ CAF.
خطوط المغرب “الحمراء” قدّم بشأنها رئيس الـ FIFA كل الضمانات لوزير الخارجية المغربية، كما تم تسييج هذه الضمانات ببند تتم المصادقة عليه أثناء الجمعية العمومية الـ 43 للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم “كاف”، يؤكد أن “الدول الراغبة في العضوية ضمن الجهاز القاري لكرة القدم، ملزمة بأن تكون عضوا في منظمة الأمم المتحدة”، وهو ما لا يتوفر لدى جبهة البوليساريو، مصدر كل تلك “الحرب الطاحنة” التي دارت بين جنوب إفريقيا والجزائر من جهة والمغرب من جهة أخرى الذي خرج من خلالها منتصرا بتغييره لقوانين الكاف وسد الباب على أي تأويل قانوني لذلك.
هذا الاتفاق السياسي بغلاف رياضي، هو بالضبط ما تمت المصادقة عليه والتأشير على صيغته الجمعية العمومية الـ 43 للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، التي انعقدت يوم 12 مارس 2021 في العاصمة المغربية الرباط، بعد أن تم لتصويت على ضمه لقوانين الـ CAF بعد اتفاق مغربي – جنوب إفريقي برعاية الـ FIFA جعل باتريس موتسيبي، الجنوب إفريقي بعد إعلانه رسميا، في نفس اليوم، رئيسا جديدا للـ CAF، وخرج حينها، يشكر الملك محمد السادس، وينوه برئيس الجامعة فوزي لقجع.
هذه التعديلات التي عملت عليها المخابرات الجزائرية بقوة بواجهة ديبلوماسية، وفشلت في تمريرها، بعد أن تم التصويت بالأغلبية، ولم تسجل أي اعتراض عند التصويت لأي عضو حاضر، بما فيه رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم، خير الدين زطشي، جعل الصحافة الجزائرية المقربة من النظام الحاكم توجه نقدا شديدا لزطشي وتتهم بـ”الخيانة”.
صحيفة “النهار الجديد” الجزائرية، عنوات، حينها، بالبند العريض على صدر صفحتها الأولى: “زطشي يطعن القضية الصحراوية.. ويتجاوز الخطوط الحمراء”. وفي مقال آخر لصحيفة “النهار” كان العنوان على الشكل التالي: “3 دقائق تنسف مزاعم زطشي.. هكذا مرر المراركة مخطط إقصاء الصحراء الغربية ! ونشرت فيديو يخص عملية التصويت يظهر موافقة جميع الأعضاء الحاضرين على التعديلات دون اعتراض أي اتحاد قاري، وهو ما جعل الصحيفة المقربة من جنرالات الجيش الجزائري تؤكد أن رئيس الاتحادية، خير الدين زظشي “غير صادق” حينما أدعى أنه لم يصوت على التعديل الذي كان موجها ضد الجزائر وجبهة “البوليساريو”.
هذه الانتكاسة الديبلوماسية تسببت في دفع رئيس الاتحاية الجزائرية إلى تقديم استقالته، ليتم تعويضه بشرف الدين عمارة الذي حاول هو الآخر الضغط على “الكاف” لتغيير قوانينها في موضوع العضوية، قبل أن تتم إقالته هو الآخر، ويتم تعويضه بجهيد زفزاف، الذي واصل مساعي بلاده داخل أروقة الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم “كاف”، من أجل ضمان تمثيلية جبهة “البوليساريو” الانفصالية ضمن جهاز القرار داخل المنظومة الكروية القارية، وذلك حسب ما صرح به، خلال مداخلته أمام أشغال الجمعية العمومية الـ 44 بمدينة أروشا التنزانية، بتاريخ 10 غشت 2022.
رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، طالب بإعادة النظر في التعديل الذي شهدته المادة 4 من النظام الأساسي لـ”الكاف”، الذي يمنع انخراط الدول الغير أعضاء في هيئة الأمم المتحدة، وهو ما يعتبر خلطا بين السياسة والرياضة، كما يتعارض مع قوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، حسب زعم المسؤول نفسه.
واستعرض زفزاف، على مسامع المؤتمرين، مضامين الرسالة التي وجهها الـ “FAF” إلى إدارة الكونفدرالية الإفريقية، والتي طالب من خلالها بإلغاء التعديل على البند الأول من المادة الرابعة الذي تمت المصادقة عليه في أشغال الجمعية العمومية المنعقدة في الرباط، والتي تميزت بانتخاب الجنوب إفريقي باتريس موتسيبي خلفا للملغاشي أحمد أحمد.
ورغم كل المحاولات “اليائسة” التي قامت وتقوم بها الجزائر لإدخال كيان انفصالي لمنظومة كروية تعترف بالدول المنضوية تحت لواء الأمم المتحدة فقط، إلا أنها تتلقى نفس الرد من “الكاف”، حيث سبق للجنوب إفريقي باتريس موتسيبي، رئيس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم القدم “كاف” أن أكد من الجزائر بأن 54 دولة إفريقية هي المنضوية تحت لواء الـ CAF، وذلك في تصريحات رسمية على هامش زيارته لولاية وهران من أجل حضور مباريات دور ربع نهائي بطولة أمم إفريقيا للاعبين المحلييمن “الشان” شهر غشت 2022.
تصريح رئيس الـCAF، الذي تم تداوله عبر الإعلام الجزائري الرسمي، تضمن اعترافا من المؤسسة الكروية القارية بكونها لا تقر سوى بوجود 54 دولة قائمة الذات تحت لواء الاتحاد الإفريقي، وهو ما يتعارض مع رغبة الجزائر من أجل فرض حضور الكيان الإنفصالي “البوليساريو” داخل المنتظم الكروي.
وبقرار اليوم، يكون الاتحاد الدولي لكرة القدم FIFA قد أغلق قوسا آخر يخص محاولات الجزائر وغيرها من الدول دعم الحركات الانفصالية ومحاولة إلباسها الطابع القانوني داخل الاتحادات القارية والدولية الرياضية.