لخليفة دويهي-العربي الجديد:
إذا كان المتمردون لوجه الله غيّروا مسار التاريخ في مجتمعاتنا، فإنّ معنى التمرد هنا ليس هو كلّ شخص يتحدى الأمر الواقع، فاللص والقاتل والمختلس هم أنماط متمرّدة على القانون.
التمرد الذي أتكلم عنه هو الذي تحدث عنه الكاتب المصري الكبير محمود عوض في كتابه “متمردون لوجه الله”، إذ وصف التمرّد لحساب قضية عامة وليس لمنفعة فردية، هو تمرّد لحساب مجتمعنا بأكمله، وليس لحساب نزوة فرد أو طمع فئة.
شخصيات كثيرة في عالمنا العربي والإسلامي وفي أزمنة وأماكن مختلفة تمرّدوا ضد الطغيان والديكتاتورية والتسلّط وأعطوا للإنسان صورة جديدة عن الحقيقة والحرية وضحوا من أجل الكرامة والحرية.
أما التائهون، فهم النخبة المثقفة الواعية داخل مجتمعاتنا العربية، وهم ليسوا مؤيدين ولا معارضين ولا حربائيين (متقلبون في مواقفهم مثل الحرباء).
التائهون غيّروا مسار التاريخ بالسلبية، بقصد أو بدونه، إبان حراك الربيع العربي من خلال صمتهم وعدم إعطاء رأي أو موقف واضح في قضايا مهمة داخل مجتمعاتنا، مثل قمع الثورات والحرية والمساواة والفصل بين السلطات وحكم العسكر والانتخابات وغيرها من القضايا.
ساهمت هذه الفئة، بقصد أو بدونه، وبشكل سلبي فيما يحصل داخل عالمنا العربي، فمن خلال صمتها والاستكانة إلى منطقة راحة البال وعدم التفريط بما يمكن التفريط به.
التائهون تاهوا عن طريق الديمقراطية وغلبوا بتيههم المستبد والظالم على المظلوم، اختاروا بذالك تأجيل الحلم العربي الذي يتجلّى في أن ينعم المواطنون في بلدانهم بالكرامة والحرية.
التائهون يجب أن يتمرّدوا على تيههم ضد ظلم وفساد ونفاق عصرهم ومجتمعهم، وأن يقوموا بإعطاء دواء فكري وسياسي يعالج الأعطاب الغير ديمقراطية بعالمنا العربي.
