محمد سالم العربي:
ظلت “خديجه حمدي”، خلال العقود الأخيرة، إحدى أهم القيادات المؤثرة في صنع القرار الصحراوي، وذلك لسببين اثنين: أولهما أنها زوج الأمين العام لجبهة البوليساريو الراحل محمد عبد العزيز، وثانيهما أنها جزائرية الأصل (اركيبات الشرق) وذات علاقات أكثر من ممتازة مع متنفذي الجزائر، سواء كانوا مدنيين أو عسكريين أو أمنيين.
لم تكتف “خديجه حمدي” بموقعها الاجتماعي كسيدة أولى، بل إنها تسلحت بمنصب حقيبة الثقافة في الحكومة المعلنة من طرف واحد، فأضافت نفوذا جديدا اتخذ طابع الرسمية، أمن لها حرية الحركة والتنسيق الداخلي والخارجي.
كان البعض يصفها بعين الجزائر التي لا تنام في المخيمات الصحراوية، بينما وصفها آخرون بالمرأة الحديدية التي يخشاها الكبار قبل الصغار، حتى أن عقوباتها اللفظية والجسدية لكبار رجال الحكم باتت حديث الساكنة في المخيمات.
من تلك الحكايات، على سبيل المثال، اعتقال مخابرات البوليساريو لثلاثة قادة، قيل إن اثنين منهما تعرضا للصفع من قبل “خديجه حمدي” خلال اجتماع عقد بمخيم الرابوني، وهو ما ولد حينها تذمرا لدى أعيان المخيمات الذين نظموا وقفة احتجاجية أمام مقر إقامة “محمد عبد العزيز”.
المصادر تحدثت عن تعبير المسؤولين المصفوعين والمعتقليْن عن رفضهما التدخل الجزائري في مصير الصحراويين، ومحاصرة المخابرات والجيش الجزائريين للآلاف من سكان المخيمات، ووضع مجموعة من القياديين تحت الإقامة الجبرية ومنعهم من السفر.
ولم تبدأ علاقة “خديجه حمدي” مع السلطات الجزائرية من فراغ، فوالدها سبق أن شغل منصب والي ولاية تيندوف الجزائرية، لكن نفوذها في المخيمات خلق خلافات جمة بين زوجها زعيم الجبهة والعديد من أعضاء الأمانة العامة للبوليساريو، وذلك بسبب “حشر” نفسها في كافة القضايا، وكثرة تنقلاتها على نفقة المخابرات الجزائرية، علاوة على ارتباطاتها بأفراد جهاز المخابرات وتحكمها الواضح في قضية الصحراء، بحسب خصومها في المخيمات.
اليوم تتحول “خديجه حمدي” من زوجة زعيم الجبهة إلى أرملة القائد السابق، وتفقد بذلك أهم الأوراق الداخلية التي استمدت منها النفوذ والسيطرة، لكن المراقبون يرون أن الورقة الخارجية، المتمثلة في الدعم الجزائري لاستمرار نفوذها في المخيمات، تبقى الأهم، فباستطاعة تلك الورقة أن تبقي كافة الأوراق بيدها، ما دام زعيم الجبهة الجديد رهن إشارة الجزائر، وهو أمر متوقع إلى أبعد الحدود.
وانطلاقا من هذه المسلمة، فإن الزعيم الجديد سيكون مجبرا على رفع القبعة أمام “المرأة الحديدية”، وتركها تتحرك بحرية في الحيز الكبير الذي فرضته لنفسها بدعم من المخابرات الجزائرية.
لكن السؤال المطروح: هل ستكون للسيدة الأولى الجديدة اطماعا في النفوذ؟.. وإذا كان الجواب بالإيجاب، فكيف سيكون شكل الصراع بينها وبين “خديجه حمدي”؟