فاطمتو شيخ أحمد:
تأخرت السمارة طويلا قبل أن تلحق بركب التنمية، لكنها حتما تغيرت كثيرا عن ماضي أيامها المتشابهة.
قد تسير دون مايرتضيه أهلها من إيقاع متسارع يستجيب لطموحاتهم الكبيرة والمشروعة بطبيعة الحال، لكنهم موقنون فعلا من مشيها وإن تباينت سرعة ذلك عندهم. فلم يعد مثلا تجديد طلاء الرصيف بشارعها الوحيد مرة كل سنة مثار قفشات الظرفاء بمجالس المقاهي المنتشرة على جانبي الرصيف، ولا مشاهد الترقيع أيضا، عندما كانوا يسمعون عن تنمية لا يصلهم منها سوى الفتات.
نعم لم تزل بمنطق الجغرافيا لايأتيها إلا قاصد، لكنها لم تعد ترقب في حسرة شواهد العمران بحواضر مجاورة شيدت بعدها ومضت بعيدا.
الفعل التنموي بحاضرة يفوق تعداد سكانها 70 ألف نسمة تطلب مخاضا عسيرا بقدر الزحف والتوسع المجالي لسنوات طوال دونما تصميم أو تخطيط عمراني، واقع خارت دونه جهود الفاعلين المحليين وأجهضت معه كل أمال التنمية قبل أن تلوح بوادر التغيير مع مقدم شاب صحراوي حظي بالثقة الملكية عاملا على إقليمها مطلع فبراير من سنة 2008، أطلق الرجل مشاورات واسعة مع كل ألوان الطيف المحلي، مضى بعيدا في تشخيص الداء قبل أن يحدد وصفة علاج سميت فيما بعد ببرنامج التأهيل الحضري والتنمية.
سبع سنوات ونيف مضت على إنطلاق البرنامج بأشطره الثلاث وبداية الرابع، سبع سنوات حولت المدينة إلى ورش مفتوح يعج بجرافات البناء وآليات الأشغال باستثمار إجمالي بلغ 640 مليون درهم رصدت لتأهيل الأحياء الناقصة التجهيز وبناء مرافق للقرب الإجتماعي ورد الإعتبار لإحياء النسيج القديم بالموازاة مع المشاريع المهيكلة في البنى التحتية والتجهيزات الأساسية من مدارات طرقية جديدة وتأثيث حضري ودعم لشبكة الإنارة والماء والتطهير السائل.
وتيرة الأشغال رافقتها حركية نشطة في البرامج القطاعية الأخرى من قبيل الإقتصاد الإحتماعي لوكالة الجنوب وبرنامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية..
وإن كان حفظ الموجود أولى من طلب المفقود، فقد بات لزاما على الفاعل المدني البحث عن برامج خلاقة تستفز الوعي وتغير الذهنيات إزاء فضاءات عمومية من ساحات ومراكز للقرب الإجتماعي استحالت مرتعا للمنحرفين بسلوكياتهم الشاذة، مع التسليم بعجز المقاربة الزجرية عن النفاذ لسلوك الأفراد..
تعبر السمارة إذن نحو الشطر الرابع من مشروعها التنموي (2015/2018) بغلاف مالي قدر بـ 755 مليون درهم، وتمضي معه للتموقع بفضائها الجهوي الجديد بكبرى جهات الصحراء العيون الساقية الحمراء، وقبل أسابيع تناقلت وسائل الإعلام على نطاق واسع إنطلاق مشاورات المخطط التنموي للجهة من عمالة الإقليم. في خطوة تلقفها الشارع المحلي بإهتمام بالغ متوسما خيرا لما لها من أثر على التنمية المستدامة وحلحلة المطالب الإجتماعية الملحة كالسكن والتشغيل الذين باتا هاجس أفواج من الشباب المعطل.