شطاري-متابعة:
قال المؤرخ الفرنسي، بيير فيرميرن، إن التحولات التي يعرفها المشهد السياسي في فرنسا يُتابع من طرف المغرب والجزائر بفوارق في الرؤى، وإن كانت هناك بعض النقاط المشتركة بينهما، كعدم رغبة الرباط والجزائر في أن يكون لهذا التحول تأثير على الجاليتين المغربية والجزائرية في فرنسا.
وأضاف فيرميرن في حوار مع صحيفة “ليكسبريس” الفرنسية، بأن دول المغرب العربي، الثلاثة، المغرب والجزائر وتونس، كان تفاعلها مع الانتخابات التشريعية الفرنسية الأخيرة متباينا، حيث كانت تونس تميل إلى اليسار بحكم مواقفه من القضية الفلسطينية، في حين أن الوضع في المغرب والجزائر، كان مختلفا، حيث كانت الجزائر تميل إلى كان من سيساهم في إسقاط اليمين بسبب العداء الذي يُكنه الأخير للجزائر، في حين أن المغرب كان “متحفظا” في ظل وجود تباين للآراء.
وأردف فيرميرن في هذا السياق بخصوص المغرب، بأن الأخير لم يكن لديه مانع أن يسقط ماكرون في الانتخابات الأخيرة، فبالمقال فإن هناك روابط تاريخية تجمع اليمين الفرنسي مع النظام المغربي، لكن في نفس الوقت هناك شريحة عريضة من المغاربة يقفون ضد اليمين بسبب مواقفه العدائية تُجاه المهاجرين والجاليات الأجنبية والإسلام، وهو ما يجعل من الصعب تكوين صورة واضحة عما كان يريده المغرب من الانتخابات الفرنسية.
وقال المؤرخ الفرنسي الذي سبق أن نشر كتابين، الأول عن الجزائر يحمل عنوان “تاريخ الجزائر المعاصر” والثاني عن المغرب يحمل عنوان “المغرب في 100 سؤال”، بأنه في ظل الوضع الحالي عقب الاعلان عن نتائج الانتخابات، والتي منحت الصدارة لليسار الفرنسي، فإنه بشكل عام شكل هذا الخبر ارتياحا “متباينا” في كل الدول المغاربية.
وأضاف في هذا الصدد، بأن مستقبل العلاقات الفرنسية مع دول المغرب العربي، وبالأخص مع الجزائر والمغرب، في حالة تولي اليسار للسلطة في باريس، يبقى مجهولا، إذ لا يُعرف المواقف التي سيتخذها اليساريون تُجاه المغرب والجزائر، ولا سيما أن زعيم اليسار، جون لوك ميلونشون، سبق أن زار المغرب والجزائر معها، ويُعرب اليساريون عن مواقف داعمة للبلدين.
وبخصوص الوضع الراهن لعلاقات باريس مع كل من المغرب والجزائر، قال فيرميرن، بأن فرنسا كانت قد بدأت مع المغرب عملية مستمرة في تذويب الخلافات الثنائية، متوقعا أن تستمر هذه الدينامية، وبالمقابل أشار إلى جود علاقات “طيبة” حاليا بين فرنسا والجزائر، ولا سيما في ظل العلاقة الجيدة بين الرئيس الجزائر عبد المجيد تبون ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون.
غير أن العلاقات “الطيبة” بين فرنسا والجزائر، حسب فيرميرن، تبقى رهينة ببقاء ماكرون في السلطة وتبون في رئاسة الجزائر، مشيرا إلى أن الجزائر ستشهد انتخابات رئاسية في شتنبر المقبل، في حين لا يُعرف هل سيبقى تبون في منصبه، وهو نفس الأمر بالنسبة لماكرون ومستقبله السياسي في باريس.
ووجه إيمانويل ماكرون رسالة إلى الفرنسيين قال فيها بأن “أحدا لم يفز” ودعا إلى “بناء غالبية صلبة تكون بالضرورة ذات تعددية”، وفق ما أفادت به فرانس 24 اليوم الجمعة، داعيا “جميع القوى السياسية في مؤسسات الجمهورية ودولة القانون والحكم البرلماني (…) إلى الانخراط في حوار صادق ومخلص لبناء غالبية صلبة تكون بالضرورة ذات تعددية”.
وأضاف ماكرون الذي يشارك في واشنطن في قمة لحلف شمال الأطلسي “يجب أن تُبنى هذه الغالبية حول بعض المبادئ الرئيسية للبلد والقيم الجمهورية الواضحة والمشتركة ومشروع عملي وفهمه سهل” مشيرا إلى أنه سيسمي رئيس الحكومة “على ضوء هذه المبادئ”، مؤكدا أن ذلك سيحصل حين “تبني” القوى السياسية “تسويات”. وأوضح “حتى ذلك الحين، ستواصل الحكومة الحالية ممارسة مسؤولياتها ثم ستكون مسؤولة عن تصريف الأعمال كما جرت العادة الجمهورية”.