محمد سالم العربي:
لم يكن إقدام السلطات الموريتانية، قبل يومين، على طرد موظفين مغاربة يعملون في شركة “موريتل” للاتصالات، والتي تملك غالبية أسهمها شركة “اتصالات المغرب”، الإجراء الأول الذي يترجم أزمة صامتة تطبع علاقات الرباط ونواكشوط منذ استتباب الأمر لسلطة الرئيس الموريتاني “محمد ولد عبد العزيز”.
فرغم أن الدبلوماسية المغربية، وبحسب تسريبات موقع ويكيليكس الشهير، لم تدخر جهدا في سبيل تسويق انقلاب قائد الأمن الرئاسي الموريتاني السابق، الرئيس الحالي، على نظام أول رئيس مدني منتخب، إلا أن “ولد عبد العزيز”، وبحسب المراقبين، لم يدخر جهدا في توظيف الدور الموريتاني الأساسي في نزاع الصحراء لصالح غريمة المغرب وجارتها الشرقية الجزائر، وذلك في أول تعديل على موقف الحياد الذي اتخذه العسكريون غداة إطاحتهم بنظام “المختار ولد داداه”، الذي اتخذ قرار شن الحرب وتقاسم الصحراء مع المملكة المغربية.
ظل مسؤولو البلدين يؤكدون في مختلف المناسبات على متانة العلاقات المغربية الموريتانية، وعقدت اللجنة العليا المشتركة اجتماعا في نواكشوط قبل ثلاث سنوات، غير أن ذلك لم يكبح جماح الحرب الدبلوماسية التي اتخذت موريتانيا قرار شنها ضد المصالح المغربية، وقد تجلى ذلك في خلو سفارتها في الرباط من السفير والقائم بالأعمال، ووصل الأمر إلى حد طرد مراسل وكالة المغرب العربي للأنباء في موريتانيا.
وفي ظل التصعيد الموريتاني، تحلت الرباط بسياسة ضبط النفس من خلال تجاهل الأزمة، وتبادل الزيارات، بل وزيادة الاستثمارات، حيث كانت أول بلد يعلن عن توجيه استثمارات ضخمة للمنطقة الحرة التي أعلنتها موريتانيا في مدينة نواذيبو.
سارع الجزائريون إلى منح “ولد عبد العزيز” جائزة كبرى على موقفه المنحاز ضد المغرب، فدفعوا به رئيسا دوريا للاتحاد الإفريقي، فكان خير مؤتمن على توظيف المنصب ضد مصالح المغرب، حتى وصل به الأمر إلى اقتراح إيفاد الاتحاد الإفريقي مبعوثا خاصا للصحراء، على غرار المبعوث الأممي، غير أن الرباط رفضت المقترح بقوة، وهو ما أبقاه حبيس أدراج القمة التي تقرر فيها.
الأزمة بين البلدين بلغت ذروتها باستضافة المغرب لأبرز معارضي النظام الموريتاني، وهما رجل الأعمال والسياسي المحنك “مصطفى الإمام الشافعي”، المطلوب بمذكرة توقيف دولية صادرة عن القضاء في نواكشوط، ورجل الأعمال الشهير “محمد ولد بوعماتو”، الذي استثمر أمواله المنقولة في المغرب على خلفية أزمة حصلت بينه مع الرئيس “محمد ولد عبد العزيز” بعد أن دعمه بقوة في الانتخابات الرئاسية التي أعقبت انقلابه العسكري.
ويرى البعض أن من أبرز تجليات الأزمة المغربية الموريتانية عدم حصول لقاء بين الملك “محمد السادس” والرئيس “محمد ولد عبد العزيز” خلال تواجدهما في القمة الهندية الإفريقية التي شاركا فيها، رغم لقاءاتهما المشتركة والمنفردة مع العديد من القادة المشاركين في القمة.
وخلال الأسابيع الأخيرة، رابط وزير الخارجية الموريتاني “إسلكو ولد أحمد إزيد بيه” في المغرب للظفر بلقاء مع الملك “محمد السادس”، وذلك في إطار سعي وزارته لتوجيه الدعوات للقادة العرب من أجل المشاركة في القمة العربية المنتظرة أواخر الشهر المقبل في نواكشوط، غير أن مسؤول الدبلوماسية الموريتانية غادر الرباط دون أن يلتقي بالملك، وهو ما اعتُبر تجليا جديدا لعمق الأزمة بين البلدين.
واليوم، تقدم السلطات الموريتانية على فسخ عقود موظفين مغاربة في شركة “موريتل” للاتصالات، رغم ملكية غالبية أسهمها من قبل اتصالات المغرب، لتنضاف الخطوة إلى تجليات الأزمة الصامتة بين الرباط ونواكشوط، والتي تتعامل معها الدبلوماسية المغربية بطريقة تختلف عن إدارتها لملفات شائكة مع قوى أكثر قوة وتأثيرا على المسرح الإقليمي والدولي، وأعرق تحالفا مع المغرب، وهو ما يبرره المراقبون باحترام الرباط للتوجه نحو الجنوب، الذي يمر جزء غير يسير من شراكته الاقتصادية عبر الأراضي الموريتانية، بينما يرى آخرون أن المغرب ينظر إلى النظام الموريتاني القائم على أنه سحابة صيف لن تلبث أن تنقشع.
ولد محمد منذ 8 سنوات
للتذكير فقط شركة موريتل تمتلك منها المملكة المغربية 6% بعد بيع أغلبية الأسهم لشركة فرنسية 2014وبخصوص العلاقات المغربية الموريتانية هي علاقة تاريخ قبل ان تكون علاقة حكومات ولا يمكن ان يزحزحها اقامة رجل اعمال فى الجارة الشقيقة كمغاضب للنظام الحالي ولكم أن تراجعوا الاسباب فى ذلك قبل تغزيم علاقة بلدين شقيين ربطهما الاسلام والتقاليد فى امور ليست ميزان قياس للعلاقات بين البلدين.