شطاري-متابعة:
تجنب السفير الجزائري لدى واشنطن، صبري بوقادوم، في حوار أجراه مع مجلة “بيزنيس فوكوس” الأمريكية، الخوض في الحديث عن قضية الصحراء المغربية، وركز بدلا من ذلك على مجموعة من القضايا الإقليمية والدولية، وهو أمر أثار الاستغراب، على اعتبار أن قضية الصحراء تُعتبر محورا أساسيا في السياسة الخارجية الجزائرية.
ووفق الحوار الذي اطلعت عليه “الصحيفة” فإن تجاهل بوقادوم لملف الصحرء الذي يشكل أحد أبرز نقاط التوتر بين الجزائر والمغرب، يأتي في وقت تسعى فيه الجزائر إلى توطيد علاقاتها مع الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس دونالد ترامب، الرئيس الذي اعترف في ولايته الأولى بسيادة المغرب على الصحراء في دجنبر 2020.
وتناول الحوار الذي أجراه بقادوم العلاقات الثنائية بين الجزائر والولايات المتحدة، حيث أكد على أن الجزائر “منفتحة ومتفائلة” بشأن تعزيز التعاون مع واشنطن، مشيرا إلى اتصالات جرت بين وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، ونظيره الأمريكي الجديد ماركو روبيو.
كما شدد على أهمية التعاون الأمني بين البلدين، كاشفا عن توقيع مذكرة تفاهم مع وزارة الدفاع الأمريكية عبر القيادة العسكرية الإفريقية “أفريكوم”، لتعزيز التعاون في مجالات البحث والإنقاذ وتبادل المعلومات الاستخباراتية، لا سيما فيما يتعلق بمنطقة الساحل.
ورغم أن الحوار تناول القضايا الإفريقية، مثل النزاعات في جمهورية الكونغو الديمقراطية والسودان، إلا أنه لم يأتِ بأي ذكر لقضية الصحراء، ما يشير إلى أن الجزائر تسعى لتجنب أي مواجهة مضادة مع الإدارة الأمريكية الجديدة في قضية سبق أن اتخذ فيها ترامب قرارا واضحا.
ويكشف هذا الموقف عن سياسة “متناقضة” تنهجها الجزائر في قضية الصحراء، حيث أنها في الوقت الذي تخشى الدخول في أي مواجهة مع الإدارة الأمريكية في هذا الملف، فإنها تتخذ بالمقابل مواقف متصاعدة ضد فرنسا التي أعلن رئيسها إيمانويل ماكرون دعم بلاده لمقترح الحكم الذاتي كحل وحيد لنزاع الصحراء المغربية.
ولا يقف الموقف الجزائري تُجاه واشنطن إلى حد تحاشي التصادم فقط، بل ترغب في إنشاء علاقات متينة مع الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أشار بوقادوم إلى تزايد الاستثمارات الأمريكية في الجزائر، خصوصا في قطاعات الطاقة والزراعة والطاقات المتجددة، ورغبة الجزائر في استقطاب استثمارات أمريكية.
وفي هذا السياق، سلط في نفس الحوار الضوء على فرص الاستثمار في قطاع التعدين، مؤكدا أن الجزائر تمتلك موارد طبيعية هائلة، لا سيما في مناطق الصحراء وشمال البلاد، وأن هناك اهتماما متزايدا من قبل المستثمرين الدوليين، من بينهم الأمريكيون.
ويرى متتبعون لمواقف الجزائر في قضية الصحراء، أن هذا التوجه الحثيث من الجزائر لإنشاء علاقات جيدة مع إدارة ترامب، بالرغم من أن هذا الرئيس الأمريكي اتخذ موقفا صريحا بدعم سيادة المغرب على الصحراء، ترجع إلى مساعيها لتجنب أن تتخذ إدارة ترامب مواقف أخرى أكثر دعما للمغرب وبالتالي إنهاء النزاع لصالح الرباط.
كما تسعى الجزائر أيضا إلى تجنب أي مواقف أو عقوبات من طرف الإدارة الأمريكية الجديدة، خاصة أن عدد من أعضائها، وعلى رأسهم وزير الخارجية، ماركو روبيو، سبق أن طالب، عندما كان سيناتورا، بفرض عقوبات على الجزائر بسبب علاقاتها العسكرية مع روسيا واقتناء الأسلحة منها.