محمد سالم العربي:
تعيش العلاقات الدبلوماسية بين المغرب و موريتانيا أزمة صامتة بدأت تحدث ضجيجا أكبر من أن يتم إخفاؤه بلغة المجاملات بين البلدين.
فقد عرفت الخلافات الدبلوماسية حدتها في الآونة الأخيرة، بسب المواقف التصعيدية للحاكمين على صناعة القرار بالجارة الجنوبية، فالدعم الضمني من نواكشوط للبوليساريو وتعزيز الوجود العسكري الموريتاني في الكويرة، وبتر الصحراء من خريطة المملكة، وعدم تجديد تصاريح العمل للمديرين التنفيذيين المغاربة، بالإضافة إلى إعلان الحداد و إرسال وفد رسمي لتعزية الجبهة و شغور منصب السفير بالعاصمة الرباط، كلها عوامل أثرت على العلاقات بين الرباط ونواكشوط، وأصبح التوتر عنوان الموقف ليطوي سنوات من الود.
بيد أن ما يثير الإستغراب و الكثير من علامات الاستفهام هو صمت القبور لدبلوماسيي البلدين الذين تركوا الخلاف ينمو ككرة الثلج ليجعلوا جميع الخيارات و السيناريوهات مشرعة الأبواب، فلم نسمع عن اي مبادرة من هذا الطرف أو ذاك لرأب الصدع و لملمة الخلاف، كيف لا وهم المدركون أن التطورات لاتخدم مصالح البلدين ولا الشعبين الشقيقين.
لقد عملت مجموعة من الأطراف لتأبيد هذا الصراع وتكرسيه جرحا نازفا بتواطئ من بعض الأقلام المسمومة، والأبواق الإعلامية من الطرفين، والتي عملت على توسيع هوة الخلاف من خلال مقالات التهجم على حاضر و تاريخ البلدين المشترك خدمة لأجندات سياسوية مشبوهة.
فحدة الحرب الإعلامية على صدر الصحافة المغربية ومواقع التواصل الاجتماعي عملت على إثارة الخلاف والفتنة بسوء و عن سبق إصرار وترصد، مما يجعل التساؤل عن وجود قلم أو رجل رشيد ذا راهنية خاصة.. فلماذا كل هذا التهجم و التجني على القيم المجتمعية للبلدين؟ و لماذا لا يتم تسليط الأضواء الكاشفة عن المواقف التاريخية لهما، وأواصر القرابة والنسب بين الشعبين، وتكافلهم في فترات المحن .
من المعلوم و المعروف جدا أن علاقة نواكشوط بالرباط هي علاقة تاريخ مشترك وجودي تفرضه الجغرافيا والتضامن العربي الموحد و اللغة و الدين و وحدة المستقبل و المصير، فما يجمع البلدين أكثر مما يفرقهما بكثير اذا ما تم الأخذ بأدبيات حسن الجوار واحترام الآخر دون نظرة دونية أو استعلائية،وعلى ذوي الحكمة والتبصر أن يتصدروا المشهد لطي صفحة الخلاف و قطع الطريق على من يعمل في الكواليس و الغرف المظلمة لتعميق الأزمة و ادامتها، فعلاقات البلدين تمرض.. ولكن أبدا لن تموت..