علي الباه:
عاش أكثر من نصف عمره متأبطا السلاح، مقاتلا المملكة المغربية وواصفا إياها بالمحتل للصحراء، حتى وافته المنية وهو مستمسك بعداوتها، ورغم ذلك نال حدث رحيله اهتماما منقطع النظير من الشعب المغربي، نخبا وساسة وصحافة، في سابقة من نوعها حيال الأحداث التي تقع في مخيمات اللاجئين الصحراويين في مخيمات تيندوف، بدءا بمقتل زعيم البوليساريو المؤسس الولي مصطفى السيد، وانتهاء بموجة الفيضانات التي شردت مئات الأسر الصحراوية جنوب الجزائر خلال الآونة الأخيرة، وما بين الحدثين الكبيرين.
الغريب أن مغاربة، من ضمنهم برلمانيون وساسة، نعوا فقيد جبهة البوليساريو ورجلها الأول “محمد عبد العزيز”، معتبرين أن نعيه واجب شرعي وأخلاقي وإنساني، رغم كونه عاش عدوا للمغرب ومنافسا له.
ولم تخل المواقع المغربية من أخبار الترحم على زعيم البوليساريو، حيث علل المترحمون خطوتهم بأن ما وصفوه بخيانته للبلد لا تسقط واجب الترحم عليه كمسلم قدم إلى ما قدم ووجب الإمساك عنه.
أما بخصوص الصحراويين، سواء كانوا مؤيدين للمغرب أو معارضين له، فقد أجمعوا على إعلان الحداد إثر وفاة “محمد عبد العزيز”، الذي تجمعه بهم أواصر القربى باعتباره أحد أبناء الصحراء وابن إحدى أهم قبائلها.
بل إن البعض منهم عبر عن تطلعه لأن تعلن السلطات المغربية الحداد على الفقيد، بعد انتفى الخلاف بالموت، مؤكدين أن ذلك يعتبر من باب رد الجميل، في إشارة إلى الحداد الذي أعلنته جبهة البوليساريو، لمدة ثلاثة أيام، غداة إعلان وفاة الملك الراحل الحسن الثاني.
بيد أن الرباط التزمت الصمت حيال حدث موت زعيم البوليساريو، بينما قامت السلطات المحلية في العيون بإزالة خيمة العزاء التي نصبت أمام منزل أخ الفقيد لأسباب وصفها متتبعون بالأمنية تحسبا لأي طارئ.
ورغم الإجراء الاحترازي الذي أقدمت عليه سلطات كبرى مدن الصحراء، فإن عددا من الصحراويين يواصلون الاستعداد لأداء صلاة الغائب على روح زعيم البوليساريو، وذلك بأحد أحياء مدينة العيون.
ويرى المراقبون أن وفاة “محمد عبد العزيز” وضعت كافة الأطراف المعنية بنزاع الصحراء على مفترق طرق يتطلب قدرا كبيرا من خفض السرعة باتجاه التصعيد، حتى يتبين الخيط الأبيض للاتجاه الذي ستسلكه القضية من الخيط الأسود، وهو ما قد يفسر تساهل السلطات المغربية في التعاطي مع موجة التعاطف مع الفقيد حتى في شمال المملكة.