شطاري-متابعة:
تراقب الدول الأوروبية تطورات ملف الصحراء بعد إعلان المغرب بالرد عسكريا إذا لم تنسحب جبهة البوليساريو من المنطقة العازلة، ولا تبدي الكثير من القلق بحكم غياب انعكاسات مقلقة على أمنها ومصالحها، ووصل الأمر الى تعليق مصدر أوروبي أن «انتفاضات اجتماعية في المغرب والجزائر أخطر من حرب بين المغرب والبوليساريو».
وهكذا، يشهد ملف الصحراء توترات مقلقة خلال الأسبوعين الأخيرين بعدما ندد المغرب بما اعتبره خرق البوليساريو للاتفاقيات العسكرية التي تؤطر وقف إطلاق النار سنة 1991 وبدء إجراءات الحل النهائي للنزاع.
ويتهم المغرب البوليساريو بالدخول الى المنطقة العازلة وبدء الخطوات الرامية الى إقامة مؤسسات «الجمهورية العربية الصحراوية» المعلنة من طرف واحد.
ولم تبد حكومات أوروبية أي قلق من التطورات العسكرية لهذا الملف رغم وجود النزاع في حدودها الجنوبية. ويعود غياب القلق الى رؤية الأوروبيين لأي نزاع مسلح بين المغرب وجبهة البوليساريو. في هذا الصدد، من الناحية العسكرية لن تشكل عودة الحرب تحديا أمنيا لأنها ستجري في مناطق صحراوية شبه خالية، وهي منطقة الجدار الفاصل في الصحراء الغربية الممتدة على مساحة كبيرة تعادل دول عربية أو أوروبية صغيرة المساحة.
وفي حالة اندلاع حرب بين الطرفين لن تؤثر على إمدادات الطاقة لأوروبا لأن لا وجود لها في المنطقة، كما أنها لن تؤدي الى قطع مواد أولية أخرى. في الوقت ذاته، لن تخلف هذه الحرب نزوحا بشريا أو موجات من النازحين تجاه أوروبا لأنها ستجري في مناطق شبه خالية باستثناء إذا وقعت مواجهات في بعض مدن الصحراء مثل العيون ولن تكون مسلحة بل انتفاضة جزء من الساكنة في تظاهرات قد تكون عنيفة.
وكانت «القدس العربي» قد نشرت في الماضي تحليلات حول احتمال نشوب الحرب، وانتهت الى أنها ستكون بمثابة مناورات حربية بدخيرة حية وبسقوط ضحايا بين الطرفين.
وعسكريا، لن يحقق أي طرف من الطرفين انتصارا، لن تستطيع قوات البوليساريو عبور الجدار الفاصل، وقد يحدث تسرب كوماندو أو اثنين، وبالتالي لن تصل الى قلب مدن الصحراء الغربية، وفي المقابل، لن يمتد القصف العسكري المغربي الى مخيمات تندوف بل لن يتعدى ملاحقة بعض الكوماندوهات واحتمال القصف الجوي لمبان للجبهة في تفاريتي دون التوغل كثيرا في المنطقة الواقعة ما وراء الجدار الفاصل.
وغياب انعكاسات على الأمن الأوروبي في حالة استئناف الحرب بين المغرب والبوليساريو بعد هدنة قاربت 28 سنة هو ما يفسر غياب الاهتمام بهذا الملف في تصريحات المسؤولين الأوروبيين.
ومن خلال استقراء آراء مصادر أوروبية حول هذه التطورات، قالت لـ «القدس العربي» نستبعد استئناف الحرب بين الطرفين لأن النزاع خامد منذ ثلاثة عقود تقريبا وتدور المعركة أو المواجهة في الهيئات الدولية مثل البرلمان الأوروبي».
وتضيف «وحتى إذا اندلعت الحرب لن تمس أمن أوروبا لكن ما يقلقنا هو إذا امتدت الحرب الى الجزائر، حينئذ سيكون الوضع مخالف». وبنوع من السخرية السياسية تقول هذه المصادر «الأوضاع الاجتماعية في المغرب والجزائر واحتمال اندلاع انتفاضات الخبز أخطر على أمن أوروبا لأن الانتفاضات قد تسبب في موجات من النزوح وليس الحرب في الصحراء».